ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وكان الإمام أحمد شديد التورع في إطلاق لفظ الحرام والحلال أو دعوى النسخ، ونحو ذلك مما يجسر عليه غيره كثيرًا، وأكثر أجوبته: أرجو وأخشى، أو أحب إلي، ونحو ذلك.
وكان هو ومالك وغيرهما يقولون كثيرًا: لا ندري.
وكان أحمد يقول ذلك في مسألة يذكر للسلف فيها أقوالًا عديدة، ويريد بقوله لا أدري أي الراجح المفتى به من ذلك.
ومن مجالس الذكر أيضًا: مجالس العلم التي يذكر فيها تفسير كتاب الله أو يروى فيها سنة رسول الله ﷺ.
فإن كانت رواية الحديث مع تفسير معانيه، فذلك أكمل وأفضل من مجرد رواية ألفاظه ويدخل في الفقه في الدين كل علم مستنبط من كتاب الله أو سنة رسوله ﷺ سواء كان من علوم الإسلام التي هي الأعمال الظاهرة والأقوال، أو من علوم الإيمان التي هي الاعتقادات الباطنة، وأدلة ذلك وبراهينه المقررة في الكتاب والسنة، أو من علوم الإحسان التي هى علوم المراقبة والمشاهدة بالقلب، ويدخل في ذلك علم الخشية والمحبة والرجاء والإنابة، والصبر والرضا، وغير ذلك من المقامات.
وكل ذلك قد سماه النبي ﷺ في حديث سؤال جبرئيل له عنه: دينًا.
فالفقه فيه من الفقه في الدين، ومجالسه من أفضل مجالس الذكر التي هي من رياض الجنة، وهي أفضل من مجالس ذكر اسم الله بالتسبيح والتحميد والتكبير؛ لأنها دائرة بين فرض عين أو فرض كفاية، والذكر المجرد تطوع محض.
وقد دخل بعض السلف مسجد البصرة فرأى فيه حلقتين في إحداهما قاص وفي الأخرى فقيه يعلم الفقه، فصلى ركعتين واستخار الله في الجلوس إلى إحداهما، فنعس فرأى في نومه قائلًا يقول له: أو قد سويت بينهما؟! إن شئت أريناك مقعد جبرئيل ﵇ من فلان- يعني: الفقيه الذي يعلم العلم.
1 / 24