... غادر زيد الشام متوجها إلى الكوفة بعد أن أمر يوسف بن عمر الحكم بن الصلت بجمع أهل الكوفة في المسجد ومنع التجول وحمل السلاح وأن ينادي المنادي: أيما رجل من العرب والموالي أدركناه في رحبة المسجد فقد برئت منه الذمة؛ ائتوا المسجد الأعظم. وفي الليلة الموعودة - وكانت شديدة البرد - أوقد أصحاب زيد (ع) النيران إعلانا للثورة، وعلت صيحاتهم بالنداء: " يا منصور أمت " إيذانا ببدء الهجوم. فبقوا طوال الليل يحاولون جمع الأنصار إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، فأصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة مائتان وثمانية عشر (218) من الرجالة، فقال زيد بن علي (ع): "سبحان الله! فأين الناس ؟ " قيل: هم محصورون في المسجد. فقال:" لا والله، ما هذا لمن بايعنا بعذر"(1).
وقد بعث زيد بأنصاره لرفع الحصار عن أهل المسجد وطمأنة أهل الكوفة ليحرض أهل المسجد على القتال، وتوجه مع أنصاره إلى المسجد لفك الحصار. وفي طريقهم إلى المسجد اشتبك الأمويين معهم وانتصروا عليهم، ثم تقدموا إلى جوار المسجد نادى أصحابه بشعاره وأدخلوا الرايات من نوافذ المسجد، ونادى نصر ابن خزيمة: " يا أهل الكوفة! أخرجوا من الذل إلى العز ومن الضلال إلى الهدى، أخرجوا إلى خير الدنيا والآخرة فإنكم لستم على واحد منها ".، إلا أنهم لم يحركوا ساكنا، ومكثوا في المسجد بحجة الحصار.
صفحة ١٣