ومن أمعن النظر، وأنعم بالفكر المعتبر، علم أن محمل ذلك ومفصله، بحر لا ساحل له، ولو لم يكن إلا المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، لكان في الدلالة كافيا، وبالمراد وافيا.
وما أحسن قول شيخنا رحمه الله في قصيدة له قرأتها عليه في جملة
ديوانه:
ماذا يقول المادحون ومدحكم ... فضلا به نطق الكتاب المحكم
المعجز الباقي وإن طال المدى ... والأبلغ البلغاء فهو المفحم
الأمر أعظم من مقالة قائل ... إن رقق الفصحاء أو إن فخموا
وقال فيها قبل هذه الأبيات:
ذو المعجزات الباهرات فسل به ... نطق الحصا وبهائما قد كلموا
حفظت لمولده السماء واستبشرت ... فالماردون بشهبها قد رجموا
وبه الشياطن ارتدت واستيأست ... كهانها من علم غيب يقدم
إيوان كسرى انشق ثم تساقطت ... شرفاته بل كاد رعبا يهدم
والماء غاض ونار ساوة أخمدت ... من بعد ما كانت تشب وتضرم
هذا وآمنة رأت نارا لها ... بصرى أضاءت والدياجي تظلم
وبليلة الإسراء سرى بجسمه ... والروح جبريل المطهر يخدم
وصلى بأملاك السماء والأنبياء ... وله عليهم رفعة وتقدم
وعلا إلى أن حاز أقصى غاية ... للغير لا ترجى ولا تتوهم
صفحة ٨٤