129

الإلياذة

تصانيف

Gerenian

11

قائلا: «والآن انظروا إنكم في الحقيقة تعقدون اجتماعا على طريقة الصبيان الحمقى، الذين لا يعيرون أعمال الحرب أقل اهتمام، ماذا ستكون نهاية عهودنا وأيماننا؟ إذن، هيا بنا نقذف إلى النار بجميع نصائح وخطط المحاربين، وتقدمات الشراب من الخمر الصافية، والمواثيق التي سجلناها بمصافحات الأيدي ووضعنا فيها ثقتنا؛ لأننا عبثا نتقاذف بالألفاظ، ما دمنا عاجزين عن إيجاد أية حيلة للفراغ من مهمتنا هنا. يا ابن أتريوس، هل لك كسابق عهدك أن تحتفظ بهدفك الذي لا انثناء عنه، وتصبح قائدا لأهل أرجوس إبان المعارك الطاحنة؟ ولتدع الآخرين يهلكون، أولئك الواحد أو الاثنين من الآخيين الذين يتشاورون سرا فيما بينهم - تشاورا عقيما - للعودة إلى أرجوس، قبل أن نعرف هل يصدق أم يخيب وعد زوس، حامل الترس! ذلك أن ابن كرونوس، الفائق القوة، قد بذل لنا وعدا، بإيماءة من رأسه، في ذلك اليوم الذي اعتلى فيه أهل أرجوس ظهور سفنهم السريعة، كي يجلبوا على الطرواديين الموت والهلاك - فلقد أضاء يومئذ البرق عن يميننا مبديا لنا بذلك علامات الخير - لذلك، ينبغي ألا يسرع أحد منكم في الرحيل إلى الوطن إلا بعد أن يضطجع كل واحد منا مع زوجة رجل من الطرواديين، فننتقم بذلك لأنفسنا مما أذاقوه لنا من مذلة وأنين من أجل هيلينا! ومع ذلك، فإن كان هناك من برح به الشوق للرحيل إلى الوطن، فليضع يده على سفينته السوداء، حتى يلقى الموت والهلاك قبل سواه! ولكن، هل لك، أيها الملك، أن تقبل المشورة الحسنة، وتصغي إلى ما يقوله الآخرون، فمهما كانت كلماتي، فلا تطرحها جانبا: فلتقسم رجالك، يا أجاممنون، إلى قبائل، وإلى عشائر، كي تساعد العشيرة زميلتها، والقبيلة جارتها. وسوف تريك مثل هذه التنسيقات، إذا تمسكت بها القوات، كم من الجبناء يوجد بين الضباط أو في صفوف الجنود، وكم من الأخيار؛ لأن كل رجل سيقاتل بجانب أخيه، وسرعان ما ستعلم إذا كانت إرادة الرب هي التي تقف حائلا بينك وبين اجتياح طروادة، أم هو جبن جنودك وعدم كفاءتهم في الحرب!»

وردا عليه تكلم الملك أجاممنون، قائلا: «حقيقة، مرة أخرى، أيها السيد العجوز، إنك لتفوق أبناء الآخيين وتبزهم في الخطابة. أي أبي زوس، ويا أثينا، ويا أبولو، ليت عندي عشرة من أمثال هذا المستشار، آنئذ كانت مدينة الملك «بريام» تحني رأسها على الفور، وكنا نستولي عليها ونخربها بأيدينا، ولكن ابن كرونوس، حتى زوس حامل الترس، قد جلب علي الأحزان، بأن ألقى بي في خضم من المخاصمات والمشاحنات غير المجدية؛ لأنني، والحق يقال، تقابلت و«أخيل» بقارس الألفاظ من أجل فتاة، وكنت أنا البادئ بإثارة الغضب، ولكن إذا قيض لنا أن نتحد في المشورة، فلن يؤجل مرة أخرى ما سيحيق بالطرواديين من شر، كلا، ولا لحظة واحدة! أما الآن، فهيا انصرفوا إلى طعامكم، حتى يمكننا أن نمضي إلى المعركة. ليشحذ كل رجل رمحه جيدا، ويصلح درعه، ويعلف بسخاء خيوله السريعة الأقدام، ويفحص عربته من كل جانب فحصا دقيقا ، ويستعد للقتال؛ فقد نشغل طوال اليوم كله في حرب مقيتة. لن يكون هناك تسويف، أي تسويف البتة، إلى أن يفصل بيننا مجيء الليل ونحن في حمى القتال. ولسوف تتبلل سيور الدروع فوق صدوركم بالعرق، وتتعب أيديكم من القبض على الرماح، كما سوف تتبلل بالعرق الخيول المثبتة إلى عرباتكم اللامعة، ولكني إن رأيت أحدكم مبيتا النية على التخلف عن القتال إلى جوار السفن المدببة، فلن يكون له أمل بعد ذلك في اجتناب نهش الكلاب والطيور!»

الاستعداد للمعركة!

هكذا تكلم القائد، فصاح أهل أرجوس عاليا، كما لو كانوا موجة ترتطم بشاطئ مرتفع عندما تهب الريح الجنوبية وتقذف بالأمواج على ربوة صخرية لا تني المياه تلاطمها من كل جانب، مدفوعة بكل ريح. ثم قاموا مسرعين ينتشرون بين السفن، وأشعلوا النيران في الخيام، وتناولوا طعامهم. وقدموا الذبائح للآلهة واحدا واحدا، وسألوهم النجاة من الموت ومن ويلات الحرب. أما أجاممنون قائد الجيش، فقد نحر ثورا سمينا في الخامسة من عمره لابن كرونوس الفائق القوة، ثم استدعى الكهول، رؤساء الجيش الآخي، وعلى رأسهم «نسطور» والملك «أيدومينيوس».

12

ثم أياس،

13

وسيمه، وابن توديوس

صفحة غير معروفة