============================================================
وكانت هذه الكتب تعرض وجهات نظر العلماء عند استنباطهم الأحكام من سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت مبينة لما أجعمل في كتاب الله عز وجل : درست أيضا الفقه المقارن . وفيه عرض جيد ومتع لوجهات نظر الأثمة عندما يقفون أمام النصوص في كتاب وسنة ، ليستنبطوا منها أحكام الله وهم يبذلوا أقصى جهدهم في التعرف إلى الحقيقة ، تاركين هوى أنفسهم ، غير عابثين إلا بما يرضي الله ورسوله . فيصدرون عنها بأحكام مختلفة ، كل على حسب خطته الي استوحاها من الشريعة نفسها .
وما إن اطلعت على ذلك حتى شعرت بأن غلوائي أخذت تخف شيئا فشيئا أان حقدي على المذهبية طفق يتلاشى رويدا رويدا .
علمت - فبما علمت - أن الأمر جد ، وأنه لا يكفي أن يرفع الانسان قيرتهصانحا : حسبناكتاب الله ، ما لم يحدد الطريق التي يتوصل بها إلى فهم ذلك الكتاب ، ويرسم الخطة المحكمة لاستنباط الأحكام منه : لا يكفي أيضا أن يقول : إذا صح الحديث فهو مذهبي ، بل لا بد من بذل جهد جاهد ، وإحاطة بالسنة ، ومعرفة طرائق الاستنباط ، فيكون كل ذلك منارا يضيء له الطريق ، حتى يهتدي إلى نور الله ، ويأمن الضياع عن الحق أدركت حينذاك فضل هؤلاء الأئمة الأعلام الذين أحيوا ليلهم وأظمؤوا نهارهم في سبيل معرفة الحقيقة مرضاة لله ، فكانوا مفخزة الأمة الاسلامية، ولآلى ي تاج حضارتها وتفوقها ورقيها في عالم التشريع والقانون .
أدركت أيضا أن الانسان الذي يغض من شأنهم ويستطيل على مكانتهم ان هو إلا رجل غرة جاهل متعالم ، كالهريحكي انتفاخا صولة الأسد .
غير أنه يجب المبادرة إلى القول : إنه ليس كل اختلاف يحمد ، بل إن هناك اختلافا يذم أصحابه ، وهوما كان راجعا ألى أصل من أصول الدين نتيجة لتحريف كلمات الله عن مواضعها ، وتأويلها لتطابق أهواء أملاها الشيطان عليهم ، ووسوس
صفحة ٧