============================================================
ب) الاذن بالاجتهاد للرسول ووقوعه منه : الراجح عند أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأذونا له بالاجتهاد، أه اجتهد في بعض القضايا، وأنه أذن لأصحابه بالاجتهاد، وأنهم قد وقع منهم الاجتهاد في عصره صلى الله عليه وسلم ، فمما يدل على أن الرسول كان مأذونا له بالاجتهاد ما ذكره الآمدي في الإحكام قال : " وشاورهم في الأمر"(1) والمشاورة اما تكون فيما يحكم فيه بطريق الاجتهاد، لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي . وروى الشعي أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي القضية وينزل بعد ذلك بغير ما كان قضى به . فيترك ما قضى به على حاله، ويستقبل ما نزل به القرآن"1.
ما يدل أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه قد اجتهد : ما وقع منه من الاذن لمعتذرين أن يتخلفوا عن غزوة تبوك حينما جاؤوا يعتذرون اليه عن الخروج، ثم ازل الله سبحانه قوله معاتبا إياه : " عفا الله عنك لم آذنت هم حى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين " (3) قال الامام النسفي رحمه الله عند تفسيره لهذه الاية: وفيه دليل جواز الاجتهاد للأنبياء عليهم السلام، لأنه عليه السلام إنما فعل ذلك بالاجتهاد.
ما يدل على ذلك أيضا ما وقع منه من قبول الفداء من أسرى بدر، ثم أنزل الله سبحانه معاتبا اياه على ذلك " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يشخن في الأرض" (4 فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الأسرى؟
فقال أبو بكريا نبي الله هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون (1) آل عران : 159 (2) الاحكام ج ص 140 -141 (3) التوبة 44 (4) الأنفال 67
صفحة ٢٨