يا أيها أدنى من أفلاطون ... فإن به الآن إليك حاجة ما وهذه طريقة الشعر اليوناني وكان عمره إذ ذاك عشرين سنة وسمع من سقراط بعد ذلك ولازمه مدة خمسين سنة حتى بلغ في الأمور العقلية إلى منزلة فيثاغورس وفي سياسة المدينة الفاضلة إلى مرتبة سقراط وشهد له بذلك أهل العلم في زمانه وكان لرغبته في العلم شديد الطلب له كثير الحث والبحث في تحصيله منفقا في تحصيل الكتب بما يمكنه حتى أنه أمر ديون أن يبتاع له من فيلولاؤس ثلاثة كتب مخزونة عنده من كتب فيثاغورس فابتاعها له بمائة دينار ولشدة طلبه في العلم وحرصه على جميع الكتب سافر إلى صقلية ثلاث دفعات ليحصل على أسرار حكمة الأمور الإلهية فأول دفعة سافر فيها إليها كان لعزمه أن يري النار التي تخرج هناك من الأرض دائما تخف في الصيف وتزيد في الشتاء وكان المستولى على صقلية في ذلك الوقت رجل يوناني قد تغلب عليها اسمه دبونوسيوس وكان جبارا قد ملك البلاد باليد لا بالإعالة ولما سمع بقدوم أفلاطون أمر بإحضاره فلما حضر إليه صادف عنده سقراط وقد جمع له علماء الجزيرة وهو يخطبهم على ما تقدم ذكره وشرحه ولما حضر أفلاطون المجلس طلب منه جبار صقلية هذا المذكور أن يتكلم بشيء من خطبه وشعره فخطب خطبا كثيرة بحضرته وكان فصيحا عذب الألفاظ محكما لما يورده من طريقته التي هو عليها وقال في بعض خطبه أن أجود السير وأفضلها التي تكون على الناموس والسنن وطن الجبار ذيونوسيوس أنه قصده بهذا القول لأجل تغلبه بغير استحقاق لما وليه فأسرها في نفسه ولم يبدها وكان هذا الجبار يعاني الشعر وشيئا من الحكمة الغير محققة وله تلاميذ في ذلك وأصحاب وإذا سمع بعالم تحيل في إحضاره ومناظرته وإقامة الحجة على صحة قصده الذي هو عليه واتفق أن قال لأفلاطون هلا ترى في أصحابي سعيدا وظن أن أفلاطون سيقول بحضور الجمع أنك سعيد فيحصل له بهذا القول مرتبة توجب له الاستحقاق لما تغلب عليه فقال له أفلاطون غير محاش له ليس في أصحابك سعيد فسأله بعد ذلك وقال فهل ترى أنه كان من القدماء سعيد فقال كان فيهم سعداء غير مشهوريين وأشقياء اشتهروا وعناه بذلك فأسرها الجبار ولم يبدها له ثم قال له الجبار فأراك علي هذا القول لا ترى أن أرقليس من أهل السعادة أيضا وأرقليس هذا كان شاعرا من شعراء يونان وكان قد عمل أشعارا وذكر فيها هذا الجبار ووصفه ولحن تلك الأشعار وجعلها في هياكل جزيرة صقلية يذكر بها في كل وقت وكان هذا الجبار يعظم الشعر والشعراء لأجل ذلك يثبت لمدحه أصلا فقال له أفلاطون مجيبا عن سؤاله أن كنا ترى أن أرقليس كان كالذي ينبغي أن يكون من كان من نسل أذيا يعني المشترى فباضطرار ينبغي أن تظن به أنه سعيد وأما إن كان كما وصفتموه أنتم معاشر الشعراء وكانت سيرته على ما تذكرون فإنه عندي من الأشقياء وذوي رداءة البخت فلما سمع ذبونوسيوس الجبار منه هذا القول لم يحتمل جرأته وأمر به فدفع إلى بوليذس الذي كان من أهل الاقاذامونيا وكان قد وفد على هذا الجبار ليهادنه على بلاده وأمره الجبار بقتل أفلاطون فأخذه بوليذ وذهب به إلى أثينا مدينته وأبقى عليه ولم يقتله وباعه من رجل من أهل النهروان اسمه أناقرس وكان هذا الرجل يحب أفلاطون وينشبه بأخلاقه وإن لم يره قبل ذلك وإنما كان يسمع ما ينقل إليه من أخباره وكان الثمن الذي ابتاعه به ثلاثين مناقضة وكان لذيونوسيوس الجبار نسيب اسمه ذيون قد حضر مجالس أفلاطون بصقلية وسمع كلامه ومال إليه كل ميل ولما سمع ما جرى على أفلاطون عز عليه ولم يمكنه مجاهرة الجبار فسير في السر ثمن أفلاطون وهو ثلاثون منا إلى النهرواني مبتاعه وسأل بيعه منه فلم يفعل النهرواني ذلك وقال هذا حكيم مطلق لنفسه وإنما وزنت المال لأنقذه من أسره وسيصير إلى بلاده في سلامة وخير فلما سمع ذيون نسيب الجبار هذا القول استرجع الثمن وسيره إلى أقاذاميا واشترى به بساتين هناك ووهبها لأفلاطون فمنها كانت معيشته مدة حياته ولما تحقق ذيونزسيوس خلاص أفلاطون وسلامته ندم على فعله وتحيل في استصلاحه وكتب إليه يستميله وتعذر إليه من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر في خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال ليس عندي هذا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ له ولا أجد زمانا خاليا أذكر فيه ذيونوسيوس وسار أفلاطون إلى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتابا في النواميس كان وعده به ولم يعطه إياه وكان أفلاطون قد عزم على تصنيف كتاب في السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إلى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عليه البلاد والرجال وهو في شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثم سار إلى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عليه وتغلب على أكثر البلاد وكان ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحا بين الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون له وقبوله من قوله وكان أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عليها من المتكلمين لازم له من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إلى الرعية فلما وصل إلى صقلية أصلح بين الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إلى بلاده وقد كان أهل بلاده اثينس على سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل له لم لم تغيرها فقال هذه سياسة قديمة قد مرت عليها الدهور ونقلهم عنها فيه عناء شديد وربما أدى إلى قيل وقال أحتاج أن أستعين فيه على قومي بغيرهم فيكون ذلك سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثم حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم على ما هم عليه وانبسط عذره عند من قال له ما قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لها الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج عليه جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس وقالبوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وكان أفلاطون إذا حضره أصحابه للتعلم قام على رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين التي وقفها عليه ذيون فيأخذون عنه ما يلقيه عليهم وهم على تلك الحالة فسموا المشائين بذلك. فعله وتحيل في استصلاحه وكتب إليه يستميله وتعذر إليه من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر في خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال ليس عندي هذا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ له ولا أجد زمانا خاليا أذكر فيه ذيونوسيوس وسار أفلاطون إلى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتابا في النواميس كان وعده به ولم يعطه إياه وكان أفلاطون قد عزم على تصنيف كتاب في السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إلى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عليه البلاد والرجال وهو في شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثم سار إلى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عليه وتغلب على أكثر البلاد وكان ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحا بين الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون له وقبوله من قوله وكان أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عليها من المتكلمين لازم له من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إلى الرعية فلما وصل إلى صقلية أصلح بين الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إلى بلاده وقد كان أهل بلاده اثينس على سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل له لم لم تغيرها فقال هذه سياسة قديمة قد مرت عليها الدهور ونقلهم عنها فيه عناء شديد وربما أدى إلى قيل وقال أحتاج أن أستعين فيه على قومي بغيرهم فيكون ذلك سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثم حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم على ما هم عليه وانبسط عذره عند من قال له ما قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لها الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج عليه جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس وقالبوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وكان أفلاطون إذا حضره أصحابه للتعلم قام على رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين التي وقفها عليه ذيون فيأخذون عنه ما يلقيه عليهم وهم على تلك الحالة فسموا المشائين بذلك. ولما استكمل إحدى وثمانين سنة من عمر مات وذفن بالبساتين في اقاذاميا وتبع جنازته كل من كان بأثينس والذي خلفه من التركة البساتين المذكورة وخلف مملوكين وقدحا وجاما وقرطا من ذهب كان يلبسه وهو غلام وهو لباس أشراف يونان في ذلك الزمان وأما ما صار إليه من ذيونوسيوس جبار صقلية ومن غيره من الأصدقاء فإنه أنفقه في تزويج بنات أخته وفي الإحسان إلى الأصدقاء لأنه كان من أهل الرياضة والإينار يعلم غيره الساسة فكيف لا يستعملها ولما قبر كتب على قبره بالرومي ما تفسيره بالعربي ههنا موضع رجل وهو ارستوقليس الإلهي وقد تقدم الناس وعلاهم بالعفة وأخلاق العدل فمن كان يمدح الحكمة أكثر من سائر جميع الأشياء فإنه يمدح هذا جدا لأن فيه أكثر الحكمة وليس في ذلك حد هذا من الجهة الواحدة على القبر ومن الجهة الأخرى أما الأرض فإنها تغطى جسد أفلاطون هذا وما نفسه فإنها في مرتبة من لم يموت. وذكر حنين بن إسحاق الترجمان وأبو نصر محمد بن محمد الفارابي المنطقي وغيرهما من العلماء بالفلسفة أن فلاسفة اليونانيين سبعت فرق سميت بأسماء اتقت لها من سبعة أشياء أحدها من اسم الرجل المعلم الفلسفة والثاني من اسم البلد الذي كان فيه مبدأ ذلك العلم والثالث من اسم الموضع الذي كان يعلم فيه والرابع من التدبير الذي كان يتدبر به والخامس من الآراء التي كان يراها في علم الفلسفة والسادس من الآراء التي كلن يراها في الغرض الذي كان يقصد إليه في تعلم الفلسفة والسابع من الأفعال التي كانت تظهر عليه في تعليم الفلسفة أما الفرقة المسماة من اسم الرجل المعلم الفلسفة فشيعة فيثاغورس وأما الفرقة المسماة من اسم البلد الذي كان فيه الفيلسوف فشيعة ارسطيس من أهل قورينا وأما الفرقة المسماة من اسم الموضع الذي كان يعلم فيه الفلسفة فشيعة كرسبس وهم أصحاب المظلة سموا بذلك لأن تعلمهم كان في رواق هيكل مدينة أثينة وأما الفرقة المسماة من تدبير أصحابها وأخلاقهم فشيعة ذيوجالس ويعرفون بالكلابية وسموا بذلك لأنهم كانوا يرون إطراح الفرائض المفترضة في المدن على الناس ومحبة أقاربهم وبغض غيرهم من ستائر الناس وإنما يوجد هذا الخلق في الكلاب وأما الفرقة المسماة من الآراء التي كان يراها أصحابها في الفلسفة فشيعة وأما الفرقة المسماة من الآراء التي كان يراها أصحابها في الغرض الذي كان يقصد إليه في تعلم الفلسفة فشيعة افيفورس ويسمون أصحاب اللذة لأنهم كانوا يرون الغرض المقصود إليه في تعلم الفلسفة اللذة التابعة لمعرفتها وأما الفرقة المسماة من الأفعال التي كانت تظهر عليها فشيعة أفلاطون وشيعة أرسطوطاليس ويعرفون بالمشائين لأنهم كانوا يعلمون الناس وهم يمشون كيما يرتاض البدن مع رياضة النفس فهذه فرق الفلاسفة اليونانيين وأجلهم فرقتان فرقة فيثاغورس وفرقة أفلاطون وأرسطوطاليس وهما ركنا الفلسفة وعموداها وكان حكماء يونان ينتحلون الفلسفة الأولى الطبيعية التي كان يذهب إليها فيثاغورس وثاليس الملطي وعوام الصائبة من اليونانيين والمصريين ثم مال متأخروهم إلى الفلسفة المدنية كسقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس وأشياعهم وقد ذكر ذلك أرسطوطاليس في كتابه في الحيوان فقال لما كان منذ مائة سنة وذلك منذ زمن سقراط مال الناس عن الفلسفة الطبيعية إلى الفلسفة المدنية وانتهى إلى أفلاطون رئاسة علوم اليونانيين.
صفحة ١٦