فقال: ((إن ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس وانبذ التهم بما في يديك يحبك الناس)).
وقال آخرون: بل الواقع قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا، وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك، فإذا كان هذا هكذا فلا يستعبد أن يكون القرآن أصل العلوم، ثم الصحاح المشهورة أس بنينا عليها جميع الحديث، فما وافقت فلا تتلعثم في قبوله، وما خالفه ترك من غيري أن يحال عن وجهه بتغير معناه، فإنما الفقيه من أخذ فقهه عن الكتاب والسنة والإجماع داخل في السنة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد بين بسنته أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وهو مأخوذ من القرآن من قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين...} الاية، انتهى ما ذكره الحافظ رزين.
وإذا قد نجز هذا فلنرجع إلى ما نحن بصدده، فنقول:
أنه لما كان الأمر كما أسلفنا، ومن الله علينا بهذه الطريق الحسنى، وكانت عامة في جميع العلوم من طرق شتى قد ذكرها مولانا أيده الله تعالى، اتجه أن يذكر شطرا من تلك الطرق، وهي طريق الحاكم عبد العزيز بن محمد بن يحيى بن بهران رحمه الله تعالى؛ لأنا ظفرنا بطرقه [214]من قومه بخطه وخط غيره من العلماء الذين حصل له من قبلهم الطرق، وإن كان ماعداه من سائر العلوم الدينية، قد ذكر الإمام المهدي لدين الله أنه يجوز لأحد فيها صفة العالم وإن لم يحصل تلك الطرق.
قال الفقيه يحيى بن محمد بن حميد في كتاب ( الشموس والأقمار) ما لفظه:
صفحة ١٤