إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
تصانيف
قوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} إلى قوله تعالى: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين} فقال تعالى: {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة }، والفاء للتعقيب، والمعنى أن الله سبحانه أتاهم ذلك بعد الصبر، وايضا أن من المعلوم لم يحث السير أن المهاحرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع لهم الرخاء إلا بعد الشدة والبلاء، فشهد بذلك قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم...} الآية.
وقال علي عليه السلام في بعض خطبة: ( فمن أخذ بالتقوى عزبت عند الشدائد بعد دنوها، واحلولت له الأمور بعد مرارها، وانفرجت عند الأمواج بعد تراكمها [521] وأسهلت له الصعاب بعد إنصابها وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها، وتحدئت عليه الرحمة بعد نفورها، وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها، ووبلت عليه البركة بعد أرذاذها).
وقالوا: إن أكثر الناس على ذلك، من البعيد أن يكونوا على الخطأ من لا يكاد يوجد إلا على سبيل الندرة على الصواب.
قلت وبالله التوفيق: قد تبين بحمد الله الحجة على ذلك من الكتاب والسنة وإجماع العترة عليهم السلام، والعقل أيضا قاض على أن الإعانة على القبيح قبيحه، والكثرة لا تأثير لها في إبطال حجج الله سبحانه لا سيما قد قال تعالى: {فما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.
قال تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}، وقال تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}.
صفحة ١٢٢