الخصام مدخول بأنه لو كان كذلك لذكره عثمان عند الطعن عليه في زمانه ولو كان لنقل وليس فليس وأيضا لو فتح باب هذا التمحيل الظاهر لكان لطلحة والزبير وعايشة ومعاوية أن ينفوا البغي عن أنفسهم بأنهم سمعوا من النبي (ص) جواز الحرب مع علي (ع) بل وجوبه وكذا جاز لأوليائهم رفع الطعن عنهم بأنهم ربما سمعوا جواز ذلك مع أنهم عن آخرهم اعترفوا ببغيهم وخطائهم في ذلك كما مر قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه وعهد عبد الله بن مسعود إلى عمار أن لا يصلي عثمان عليه وعاده عثمان في مرض الموت فقال مما تشتكي قال من ذنوبي قال فما تشتهي قال رحمة ربي قال ألا أدعو لك طبيبا قال الطبيب أمرضني قال أفلا أمر لك بعطائك قال منعته وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغن عنه قال يكون لولدك قال رزقهم على الله قال استغفر لي يا أبا عبد الرحمن قال أسأل الله أن يأخذ بي منك حقي انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ضرب عثمان عبد الله بن مسعود مما لا رواية فيه أصلا لا لأهل الرفض وأجمع الرواة من أهل السنة أن هذا كذب وافتراء وكيف يضرب عثمان عبد الله بن مسعود وهو من أخص أصحاب رسول الله (ص) ومن علمائهم نعم من جملة ما ذكره صح في الصحاح أن عبد الله بن مسعود لما مرض عاده عثمان فقال له اجعل عطائك بعدك لبناتك قال لا حاجة لهن فيه لأني علمتهن سورة الواقعة تقرانها بعد العشاء وإني سمعت رسول الله (ص) من قرأ سورة الواقعة بعد العشاء لم يصيبه فاقة انتهى وأقول وقد روى الضرب كثير من علماء الجمهور كالشهرستاني في الملل والنحل نقلا عن النظام واعترف به شارح المقاصد وشارح التجريد حيث قال لما أراد عثمان أن يجمع الناس على مصحف واحد طلب مصحفه فأبى ذلك مع ما فيه من الزيادة والنقصان فأدبه عثمان لينقاد هذا حاصل كلامهما وقال سيد المحدثين في قصة قتل عثمان من كتاب روضة الأحباب الذي ألفه لبعض أكابر ذوي الأذناب ما هذه عبارته وقبل از واقعة حكومه عبد الله بن أبي سرح در مصر وامدن جماعتى از سكنه ان در يا شكايت زد عثمان از أمير المؤمنين عثمان نسبت با عبد الله بن مسعود وأبو ذر غفاري وعمار بن ياسر رضي الله عنهم أمور غير مناسبة واقعشده بود وقلوب قبيله بني زهرة وهزيل از جهت ابن مسعود لهأ بنو مخزوم از قبل عمار بن ياسر وأفئدة بنو غفار وخلفاء ايشان برأي أبو ذر يا عثمان صاف بنود إلى آخره فافهم قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه ضرب عبد الله بن مسعود على دفن أبي ذر أربعين سوطا لأن أبا ذر لما مات بالربذة وليس معه إلا امرأته وغلامه وعهد إليهما أن غسلاني ثم كفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق قال ركب يمرون بكم قولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) فأعينونا على دفنه فما مات فعلوا ذلك وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين فلم يرعهم إلا الجنازة على قارعة الطريق قد كادت الإبل أن تطأها فقام إليهم العبد فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) فأعينونا على دفنه فقال ابن مسعود صدق رسول الله (ص) قال له تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه وواروه انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من ضرب عثمان عبد الله بن مسعود لدفنه أبا ذر فظاهر بين البطلان لأن السفه من المغول والتركمان والأجلاف من الأعراب والأكراد لا يضربون أحدا من الناس للإغاثة على دفن يهودي فكيف برجل يسلمون إنه من أصحاب الرأي حتى سلمه عمر ورآه أهل الشورى في الخلافة هل من شأنه أن يضرب رجلا من مفتي الصحابة وعلمائهم وقرائهم وصاحب رسول الله (ص) ومن قدماء المهاجرين ومصلي القبلتين وصاحب الهجرة ومن أهل البدر وكان سبب الضرب إنك دفنت رجلا هو من أعدائي إن صحت العداوة فهذا كلام لو سمعه العالم بالإخبار للعن على المفتري كما يلعن مسيلمة الكذاب ثم ما رواه من قصة أبي ذر؟؟؟ مخالف للنصوص من أهل التاريخ فقد ذكر جميع أرباب التواريخ في موت أبي ذر أنه لما مرض بالربذة وكان أيام الحج بكت امرأته فقال أبو ذر (رض) ما يبكيك قال إنك تموت ولا بد أن ندفنك وليس لك ثوب تكفن فيه فقال أبو ذر لا تبك فإني سمعت رسول الله (ص) يقول إنك تموت بأرض فلاة وحدك ويحضر موتك فئة من الناس يحبهم الله تعالى إذ كما قال فقومي وانظري هل ترين أحدا فقامت وصعدت تلعة كانت هناك فرات جماعة على المطايا تسير بهم كالنسور فلوحت بثوبها فطاروا إليها فقالوا هل لك حاجة فقالت هل لكم في أبي ذر صاحب رسول الله (ص) يموت ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وكان في الركب مالك بن الحارث الأشتر فلما حضروا عنده قال إن رسول الله (ص) عهد إلي إني أموت بأرض فلاة يحضرني فئة يحبهم الله تعالى فأبشروا إنكم حضرتم قال أيكم لم يول شيئا من الإمارة أو الجباية أو شيئا من أمور الولاية ولم يكن في القوم أحد إلا وقد تولى بعض ذلك ما خلا شاب قال أنا ما توليت شيئا مما ذكرت قال فأنت كفني بثوبك فمات وكفنوه ودفنوه هذا حكاية موت أبي ذر ذكره جميع أرباب التواريخ ولم يذكر أحد أن عبد الله بن مسعود حضر موته ولا دفنه فهذا من مفتريات الرفضة عصمنا الله عن الكذب والعصبية انتهى وأقول قد قدمنا إن ضرب عثمان لعبد الله بن مسعود مما رواه الشهرستاني في كتاب الملل والنحل ومؤلف روضة الأحباب فيها فالإنكار والاستبعاد غير مفيد ثم إنه صادق في أن السفهة والأجلاف ونحوهم لا يضربون أحد للإعانة على دفن يهودي لكن إذا لم يكن بينهم وبين ذلك اليهودي عداوة أما إذا كان بينهم وبينه عداوة فلا بل ربما يقتلون من أعان على دفن مسلم صالح بل خليفة عليهم إذا كان عدوا لهم كما سمعت وطالعت في كتاب الاستيعاب أن قتلة عثمان رجموا بالحجارة الجماعة الذين حملوا جنازته بعد ثلاثة أيام إلى البقيع وقد تتبع آل عباس في صدر خلافتهم قبور الأموية ونبشوها وأحرقوا ما وجدوا فيها وأمثال ذلك عن الملوك وسلاطين المسلمين ومن دونهم غير قليل وكون عثمان خارجا عن الأجلاف أول المسألة وعين النزاع وبالجملة الطعن في مجرد ضرب ابن مسعود وقد صح الضرب فإن كان لأجل دفن أبي ذر فذاك وإن كان لغيره فلا يفيده في مدعاك ولا ينفع وضع الخبر موافقا لهواك ومن العجب أن الناصب يريد أن يذكر رواية يدل على براءة ذمة عثمان عن إسائته بعبد الله بن مسعود فيروي في قصة موت أبي ذر ما يدل على إسائته بأبي ذر حيث ذكر في جملة تلك الرواية عن لسان زوجة أبي ذر (رض) عن أنها قالت في وجه بكائها عليه أنك تموت ولا بد أن تدفنك وليس لك ثوب يكفن فيه إلى آخره ولم يتنبه بأن إخراج أبي ذر إلى الربذة وموته على ما وصف من المحنة والعدم والفقر مع ملئ بيت المال وإسراف بني أمية منها هل كان إلا لعداوة عثمان وظلمه عليه وما ما ذكره من أنه لم يذكر أحد أن
صفحة ٢٥٣