وقومه وما شاكل ذلك فكان يقول يا معشر الأنصار قد أمركم رسول الله (ص) وغيركم بالاقتداء بنا فليس لكم مخالفة رسول الله (ص) ونحن نعلم قطعا أن مع وجود حجة مثل هذه الحجة لا يتمسك عاقل بذلك التمسك الضعيف فلما لم يذكرها علمنا أنه موضوع وأيضا يتطرق تهمة التحريف في راويه ولعله قال (ص) اقتدوا بالذين من بعدي أبا بكر وعمر بالنص على النداء على أن يكونا مأمورين بالاقتداء واللذان بعد النبي (ص) كتاب الله وعترته كما ذكر في الخبر المشهور ويحتمل الرفع على أن يكون المعنى اقتدوا أبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله وعترته ويظهر من كلام الشيخ الأجل ابن بابويه القمي (ره) في كتاب عيون أخبار الرضا أن الرواية قد وردت على طبق هذين الاحتمالين فتأمل هذا وأما ما ذكره في الجواب عن الطعن الثاني ففيه إنما ذكره أولا من أن الخراج إنما يوضع على الأرض الذي فتحت صلحا يقتضي عدم صحة وضع الخراج على السواد كما ذكره المصنف معترضا على عمر لأنها فتحت عنوة لا صلحا فكيف يتأتى للناصب بعد ذلك الحصر تصحيح ما فعله عمر من أخذ الخراج عن السواد بقوله ثم لما فتح بلاد كسرى وكان عمل الملوك فيها الخراج اقتضى رأيه الخراج إلى آخره وبالجملة في كلامه اضطراب ظاهر يدل على انحلال زمامه واختلال نظامه وبهته وتحيره كما لا يخفى وأما أمير المؤمنين (ع) فإنما أمضى ذلك لما أفضى الأمر إليه لأنه لم يمكنه تغييره لأحكام المتقدمين عليه والحكم بما عنده كما عرفت قبيل ذلك في التراويح مع حصول رضاء أهل السواد بذلك إلى أيامه تدريجا وأما ما أشار إليه الناصب من دعوى حصول الاجماع على ما رآه عمر في أمر الخراج فهو؟؟؟
وغايته حصول الاجماع السكوني من فظاظته ومهابته ولا حجة فيه وما ما ذكره في الجواب عن الثالث فهو مدفوع بمثل ما ذكرناه في دفع جوابه عن الثاني وتفصيل الكلام في المقام يطلب من مبسوطات كتب أصحابنا الأعلام أيدهم الله تعالى إلى يوم القيامة وأما ما أورده الناصب من الترديد بقوله فإن أراد بالجمهور أصحابه إلى آخره فترديده قبيح لظهور أن الجمهور يراد به الجماهير الكثيرون ولظهور أن المصنف لم ينقل ههنا رواية مشتملة على طعن عمر عن أحد من رواة الشيعة وأيضا إرادة الشيعة من ذلك مناف لما مر من وصفه للشيعة بالقلة والشذوذ ونعم ما قيل إن الكذوب لا حافظة له ثم إن أراد بقوله إن أهل السنة والجماعة لم يرووا طعنا في عمر إنهم لم يرووا ما قصدوا به الطعن على عمر فهو مسلم لكن لا يفيده كما لا يخفى وإن أراد أنهم لم يرووا حديثا يدل على الطعن في عمر فهذا ظاهر البطلان وقد ذكر المصنف ههنا روايات دالة على الطعن في عرم حسبما أوضحناها لكن أسلافنا أهل السنة لبلادتهم وسوء فهمهم لم يفهموا في مبد روايتها دلالتها على الطعن فردوها وذكروها في كتبهم ولما نبههم علماء الشيعة بما فيها من الطعن اضطروا في دفع ذلك إلى أعمال كل حيلة فتارة ارتكبوا التأويل الطويل وتارة تكلفوا التخصيص العليل وأخرى أتوا على سندها بالقال والقيل وأما ما ذكره في جواب كل واحد من الروايات فقد تكلمنا على كل منها بما يشفي فؤاد كل مؤمن موافق ونفي رقاد كل ممازق منافق والحمد لله تعالى هذا وما ذكره الناصب من الروايات مستدلا بها على فضيلة عثمان فهي روايات جاءت من طريقه ولم يساعده أحد من أصحابنا عليها والمصنف لا يستدل في مطاعن عثمان وغيره بحديث إلا إذا ساعد عليه الخصم فكيف يقابل ذلك بهذا في الحجية ويتوقع منه إلزام الإمامية ثم تحقيق نسب عثمان ليس على ما زعمه الناصب واشتهر بين أصحابه وأوليائه فقد روى بطريق علماء أهل البيت وغيرهم أن بنو أمية ليسوا من قريش فكان لعبد شمس بن عبد مناف عبد رومي يقال به أمية فنسب إلى عبد شمس وقيل أمية بن عبد شمس ونسبت عامة النسابين الغير العارفين بحقايق الأنساب بني أمية إلى قريش وأصلهم من الروم وذلك أن العرب كان من سيرتهم أن يلحق الرجل بنسبه عبده وكان ذلك جازا عندهم وقد وجد ذلك من وجوه كريمة في العرب ولما ذكرناه لما افتخر معاوية في بعض كتاباته إلى علي (ع) بالصحبة والقرشية كتب (ع) في جوابه ما هذه صورته لكن ليس المهاجر كالطليق ولا الصريح كاللحيق ثم كون عثمان من إشراف قريش بحسب الحسب؟؟؟ وإنما المسلم شرفه بينهم بحسب المال وهو كالمال في معرض الزوالة وأما البنتان اللتان زوجهما النبي (ص) من عثمان وهما رقية وزينب فلم يكونا من النبي (ص) ولا من خديجة بل كانتا بنتي غيرهما تحت تربيتهما وحكايتهما على ما روى أهل السير والتواريخ أن زينب وزوجها النبي (ص) من أبي العاص بن الربيع ورقية من عتبة بن أبي لهب وفارقها عتبة فخطبها عثمان فزوجها النبي (ص) منه فبعد إسلام أبي العاص وبقاءه في المدينة مدة يسيرة مات وماتت رقية عند عثمان فخطب عثمان بعد موتها زينب فزوجها النبي (ص) منه وماتت في حياته فلما كان الأثر موجودا من غير نكير بتزويجهما رسول الله (ص) من رجلين كافرين لم يخلوا الحال في ذلك من أن يقال إنه (ص) حين تزويجهما كان على دين الجاهلية وهذا هو الكفر بالله ورسوله أو على دين يرتضيه الله تعالى وحينئذ فمحال أن يزوج رسول الله (ص) ابنتيه من كافرين من غير ضرورة دعت إلى ذلك وهو مخالف لهم في دينهم عارف بكفرهم فبطل أن يكونا ابنتيه وأيضا روى أهل العلم عن أئمة أهل البيت (ع) إنه كانت لخديجة بنت خويلد أخت يقال لها هالة وقد تزوجها رجل من مخزوم فولدت لها بنتا اسمها هالة ثم خلف عليها أبو هالة رجلا تميميا يقال له أبو هند فأولدها ابنا كان يسمى هند بن أبي هند وهاتان الابنتان المنسوبتان إلى رسول الله (ص) زينب ورقية له من امرأة أخرى قد ماتت ثم مات أبي هند وقد بلغ هند مبلغ الرجال والابنتان طفلتان وكان ذلك في حدثان تزويج رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد وكانت هالة أخت خديجة فقيرة وخديجة من الأغنياء الموصوفات بكثرة المال فأما هند بن أبي هند فإنه لحق بقومه وعشيرته بالبادية وبقيت الطفلتان عند أمه أخت خديجة فضمت خديجة أختها هالة مع الابنتين إليها فكفلت جميعهن وكانت هالة أخت خديجة قد سفرت بين خديجة ورسول الله (ص) لما ماتت بعد ذلك بمدة يسيرة وخلفت الطفلتين زينب ورقية في حجر خديجة أختها وحجر رسول الله (ص) فرباهما وكانت من سنة العرب في الجاهلية أن من ربى يتيما نسب ذلك اليتيم إليه وإذا كانت يتيمة لم يستحل لمن يربيها تزويجها من نفسه لأنها بزعمهم ابنة المربي لها فلما ربي رسول الله (ص) هاتان الطفلتين ابنتي هند زوج أخت خديجة نسبتا إليه (ص) وإلى خديجة بالبينة ولم يزل على هذا الحال إلى أن ربى بعض الصحابة يتيمة بعد هجرة النبي (ص) إلى المدينة فقال لو سألنا رسول الله (ص) يجوز في الإسلام تزويج يتيمة ممن يربيها ففعلوا ذلك فأنزل الله تعالى
صفحة ٢٤٩