أما سمعت قول الله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون وقوله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم فقال أيقنت بوفاته وكذلك لم أسمع هذه الآية ومن هذه حاله كيف يجوز أن يكون إماما واجب الطاعة على جميع الخلق انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول في الصحاح أن رسول الله (ص) لما توفي وأنه ذهب يناجي ربه كما ذهب موسى يناجي ربه في الطور وسيعود ويقطع أيدي رجال وأرجلهم بما قالوا إنه مات فدخل أبو بكر وقال لعمر اجلس فما جلس وكان يتكلم بمثل ذلك الكلام حتى قام أبو بكر في ناحية أخرى من المسجد فقال أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فهو حي باق لا يموت ثم قرأ هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم الآية فلما سمع عمر هذه المقالة رجع إلى قول أبي بكر وقال كأني لم أسمع هذه الآية واختلفوا في ذلك الحال الذي غلبه حتى حكم بأن النبي (ص) لم يمت فقال بعضهم أراد أن لا يستولي المنافقون وخاف أن لو اشتهر موت النبي (ص) قبل البيعة تجلفة تشتت أمر الإسلام فأراد أن يظهر القوة والشوكة على المنافقين ليرتدعوا عما هموا به من إيقاع الفتنة والايضاع خلال المسلمين كما كان دأبهم وقال بعضم كان هذا الحال من غلبة حكم المحبة وشدة المصيبة أن قلبه كان لا يأذن له أن يحكم بموت النبي (ص) وهذا كان أمر عم جميع المؤمنين بعد النبي (ص) حتى جن بعضهم وعمى بعضهم من كثرة الهم واختل بعضهم فغلب عمر شدة حال المصيبة فخرج من حال العلم والمعرفة وتكلم بعد موته وأنه ذهب إلى مناجاة ربه وأمثال هذا لا يكون طعنا انتهى وأقول كل من القولين المذكورين في تأويل جهل عمر مما يأبى عنه رجوعه في الحال إلى قول أبي بكر والاعتذار بقوله كأني لم أسمع الآية ويتوجه على خصوص الأول أن نسبة هذه المرتبة من التعليق والتوله في حكم غلبة المحبة إلى عمر وجعله صوفيا ذا سكرة للنبي (ص) بحيث لا يجوز عليه الموت ينافي ما سبق من تجويزه الهذيان بل تجوز الموت عليه عند منع الكتاب بقوله حسبنا كتاب الله فإن معناه إن كتاب الله يكفي بعد موته وكذا ينافي قوله وقول أخويه عند تخلفهم عن جيش أسامة بأنا نصبر حتى نرى ما يظهر من حال النبي (ص) بل ينافي أصل تخلفهم عن ذلك الجيش كما لا يخفى ويتوجه على الثاني أنه لو كان لعمر شدة محبة مع النبي (ص) لما ترك تجهيزه والصلاة عليه ودفنه وتعزيته اشتغالا عن ذلك بأخذ البيعة لأبي بكر وأيضا يتوجه عليه ما مر من أن منافقي المدينة خاف منهم عمر لم يكونوا في آخر زمان حياة النبي (ص) بحيث يقدرون على إيقاع الفتنة بين المسلمين وإنما كانوا شرذمة قليلة خايفون كما لا يخفى نعم لو أرادوا من المنافقين من يشمل هؤلاء وغيرهم من الصحابة الذين اعتقد الشيعة نفاقهم صح ذلك وقد وقع منهم الفتنة التي ابتلى بها الأمة إلى ظهور كاشف الغمة المهدي المنتظر من آل محمد (ص) فافهم الكلام وأما ما ذكر من خروج عمر عن حال العلم والمعرفة فنقول في جوابه ثبت العرش ثم انقش وأين كان لعمر حال علم ومعرفة حتى يخرج منه إلى غيره ولا يتوجه الطعن عليه بجهله المستمر نعم الحال الثابت له هو الخروج على علي (ع) قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه أمر برجم امرأة حاملة فقال له أمير المؤمنين (ع) إن كان عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فقال لولا علي لهلك عمر ومنها أنه أمر برجم مجنونة فنبهه أمير المؤمنين (ع) وقال القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق فقال لولا علي لهلك عمر وهذا يدل على قلة معرفته وعدم تنبهه لظواهر الشريعة انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول الأئمة المجتهدون قد يعرض لهم الخطأ في الأحكام إما الغفلة أو نسيان؟؟؟
عروض حالة يدعو إلى الاستعجال في الحكم والإنسان لا يخلو عن السهو والنسيان والعلماء وأرباب الفتوى وإن صخ ما ذكر من حكم عمر في الجاهل والمجنون فربما كان لشئ مما ذكرناه ولا يكون هذا طعنا وكيف يصح لأحد أن يطعن في علم عمر وقد شاركه النبي (ص) في علمه كما ورد في الصحاح عن ابن عمر قال سمعت رسول الله (ص) يقول بينا أنا نايم أتيت بقدح لبن فشربت حتى أني لأرى الري يخرج في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم انتهى وأقول قد مر أنه لا يجوز الاجتهاد عن النبي (ص) فكذا على الإمام القايم مقامه إذ بالاجتهاد لا يحصل الجزم بأن ما يقوله من عند الله يجوز أن يكون برأيه والإمام يجب أن يكون مخبرا عن الله تعالى وأيضا المجتهد قد يخطئ فحينئذ يجوز على الإمام الخطأ وذلك ينافي الإمامة لما بينا من اشتراط العصمة فيها ثم ما ذكره في علة خطأ عمر من عروض حاله يدعو إلى الاستعجال تمحل ليس له فيما نحن فيه مجال وآي حالة يتصور أن يدعو إلى الاستعجال بقتل مسلم أو رجمه مع ما علم من الشريعة مراعاة الاحتياط في الدماء ومع ما اعترف به الناصب من استحباب مشاورة الحاكم للعلماء وأن لا يحم إلا بمحضر أهل الفتوى ولقد أنصف في ذلك القاضي الأرموي في لباب الأربعين حيث قال لا يقال عمر لم يتفحص عن حالها ولم يعلم كونها حاملا فلما نبهه على ترك رجمها لأن هذا يقتضي أن عمر ما كان محتاطا في سفك الدماء وهو شر من الأول انتهى وبالجملة حال عمر في ذلك الحكم لا يخلو عن أمرين إما الجهل الصرف أو استخفافه بأحكام الشرع وعدم توجهه تحقيق حال المحكوم عليه وكيفية القضية وعلى التقديرين لا يليق بالإمامة وأما ما ذكره من أن أرباب الفتوى يرجعون الرؤساء إلى حكم الحق ففيه أن ذلك أنما يكون في غير من له الرياسة العامة في الدين والدنيا ولو سلم فربما لا يحضر هناك من يرد ذلك الإمام إلى حكم الحق فيقع منه الفساد وأيضا لم يكن ما نحن فيه من تينك المسئلتين من المسائل الغامضة التي يحتاج فيها إلى مراجعة العلماء ومطارحة الفضلاء ولو كان محتاجا إلى ذلك ولم يفعل لزم ما سبق من الاستخفاف وعدم المبالاة بالدين فليختر ما شاء وأما استبعاده جهل عمر بقوله وكيف يصح لأحد أن يطعن في علم عمر فإنما نشأ من اشتباه حيلة عمر ومكره عليه بعقله وعلمه وقد سبق ما يدفع الاشتباه على وجه أتم لكن يحتاج فهمه إلى توجه فتوجه وأما ما رواه من حديث ابن عمر في فضل أبيه فقد مر أن مثله لا يصح عند الشيعة ولا يقوم حجة عليهم سيما والراوي ابن عمر فيصير من قبيل استشهاد ابن آوى بذنبه كما مر مرارا والظاهر أن مضمون الحديث مما رواه ابن عمر في منامه على أن الحديث لا يدل على مشاركة عمر مع النبي (ص) وإنما يدل على شربه من قليل الفضل الذي يهرقه الكرام من أصحاب الكاس والجام على الأرض وهذا لا يروي ولا يشبع كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه منع من المغالاة في المهر وقال من غالى في مهر ابنته اجعله في بيت
صفحة ٢٣٩