91

وتحرير دليل الموانع: أن يقال لو كان الباري تعالى يرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن لوجود شرائط الإدراك الثلاثة للمرئيات وهي سلامة الحاسة وارتفاع الموانع ووجود المدرك. وذلك لأن من المعلوم قطعا أن الحواس سليمة بدليل أن المدركات يدرك بها ولو كانت سقيمة لم تدرك بها، والحواس خمس حاسة السمع والبصر والشم والذوق واللمس، فحقيقة حاسة السمع هي ما أدرك بها الأصوات، وحقيقة حاسة البصر هي ما أدرك بها المتحيزات والألوان، وحقيقة حاسة الشم هي ما أدرك بها الروائح، وحقيقة حاسة الذوق هي ما أدرك بها المطعوم ، وحقيقة حاسة اللمس هي ما أدرك بها الحرارة والبرودة هذا على كلام بعضهم، ومنهم من قال اللمس ليس بحاسة لأن للحاسة شرطين أحدهما أن يدرك بها ما لا يدرك بغيرها من الحواس، والثاني أن يكون في حكم الغير لصاحبها بمعنى يدرك بها. وحاسة اللمس ليست كذلك بل جسد الحيوان جميعه يلمس به وليس هو في حكم الغير، والموانع مرتفعة وهي ثمانية البعد والقرب المفرطان والرقة واللطافة والحجاب الكثيف وكون المرئي في خلاف جهة

صفحة ١٠٧