إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل
محقق
وهبي سليمان غاوجي الألباني
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٠هـ - ١٩٩٠م
مكان النشر
مصر
قُلْنَا الْمَوْجُود قِسْمَانِ مَوْجُود لَا يتَصَرَّف فِيهِ الْوَهم والحس والخيال والانفصال وموجود يتَصَرَّف ذَلِك فِيهِ ويقبله فَالْأول مَمْنُوع لاستحالته والرب لَا يتَصَرَّف فِيهِ ذَلِك إِذْ لَيْسَ بجسم وَلَا عرض وَلَا جَوْهَر فصح وجوده عقلا من غير جِهَة وَلَا حيّز كَمَا دلّ الدَّلِيل الْعقلِيّ فِيهِ فَوَجَبَ تَصْدِيقه عقلا وكما دلّ الدَّلِيل الْعقلِيّ على وجوده مَعَ نفي الجسمية والعرضية مَعَ بعد الْفَهم الْحسي لَهُ فَكَذَلِك دلّ على نفي الْجِهَة والحيز مَعَ بعد فهم الْحس لَهُ
وَقد اتّفق أَكثر الْعُقَلَاء على وُجُوه مَا لَيْسَ فِي حيّز كالمعقول والنفوس والهيولي وعَلى وجود مَا لَا يتصوره الذِّهْن كحقيقة نفس الْحَرَارَة والبرودة فَإِنَّهَا مَوْجُودَة قطعا وَلَا يتَصَوَّر الذِّهْن حَقِيقَتهَا وَلم يقل أحد إِنَّهُم ادعوا مستحيلا أَو مُخَالفا للضَّرُورَة
فَإِن قيل قصَّة الْمِعْرَاج تدل على الْجِهَة والحيز
قُلْنَا قصَّة الْمِعْرَاج أُرِيد بهَا وَالله أعلم أَن يرِيه الله تَعَالَى أَنْوَاع مخلوقاته وعجائب مصنوعاته فِي الْعَالم الْعلوِي والسفلي تكميلا لصفاته وتحقيقا لمشاهداته لآياته وَلذَلِك قَالَ تَعَالَى ﴿لنريه من آيَاتنَا﴾ وَسَيَأْتِي الْبسط فِي هَذَا فِي جَوَاب الحَدِيث إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَإِن قيل ﴿إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب﴾ وَهَذَا ظَاهر فِي الْجِهَة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿تعرج الْمَلَائِكَة وَالروح إِلَيْهِ﴾ وَقَوله ﴿ثمَّ يعرج إِلَيْهِ﴾ الْآيَة
1 / 105