وأما زوال الحال وهو الدم الذي تراه في حال الخوف، أو مع الحمل الثقيل، أو بركوب دابة، أو بالقفزة أو الوثبة، أو بالجماع، غير الأول فإنما يعتبر في هذا الدماء زوال الحال لأنها علة ممكنة، فإن زال الدم مع زوال الحال دل ذلك أنه ليس بدم حيض وهو دم بسبب، وإن دام بعد زوال الحال دل ذلك أنه دم حيض وأنه ليس بسبب، ذلك لدوامه بعد ارتفاع ما يمكن أن يكون سببا لمجيئه ، وكذلك الدم الذي تراه بأكل الدواء، أو الدم الذي تراه بالاقتضاض، أو الدم الذي تراه بحل العقدة([9])، وفي الأثر: وثلاثة دماء أيضا إذا داموا بها ثلاثة أيام فإنها تعطى للحيض: دم تراه بأكل الدواء ومسيس زوجها الأول وحل العقدة، ولا يحل لها ذلك، فإن فعلت فلتغرم دية ما أفسدت ولا تحتسب تلك الثلاثة أيام من حيضها، وقيل تحسبها، ولكنهم راعوا في هذه الدماء الثلاثة ثلاثة أيام، فإن داموا بعد الثلاثة أيام اعتدت بها وكانت دم حيض، وإن زالوا قبل ثلاثة أيام كن دم استحاضة لأن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام عندهم، وإنما لم يحكموا بأحكام الحائض من أول الثلاثة الأيام من أجل الشبهة العارضة، ولا تترك ما تيقنت بوجوبه وهو الصلاة والصوم بدم لم تتيقن أنه دم حيض، لأنه يمكن أن يكون بسبب ذلك وهو الظاهر، وإن داموا عليها أكثر من ثلاثة أيام حكموا عليها بأحكام الحائض، ولعلهم استدلوا([10]) في هذا بالتجربة والعادة على أن تلك الدماء لا تدوم أكثر من ثلاثة أيام، فإن قال قائل: أرأيت إن انقطع الدم عنها على ثلاثة أيام أتكون تلك الثلاثة أيام حيضها؟ قيل له: لا، لأنهم اختلفوا في الثلاثة أيام هل تحسبهم من وقتها في الحيض إن دام عليها الدم أكثر من ثلاثة أيام؟ قال بعضهم: تحسبها، وقال آخرون: لا تحسب، وهو عندي انظر لأنه مشكوك فيهم والله أعلم.
صفحة ٢٠٦