بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله وعبده ... .
وبعد: فهذه حواش وجدت بخط الشيخ الفاضل أبي محمد عبدالله بن سعيد السدويكشي رحمه الله تعالى ورضي عنه على الجزء الأول من إيضاح الشيخ الفاضل عامر بن علي الشماخي رحمه الله تعالى وهو ( كتاب الإيضاح ).
قوله: من أبواب الفقه، الفقه في اللغة: الفهم من فقه بالكسر إذا فهم وإذا سبق غيره إلى الفهم قيل فقه وإذا صار الفقه له سجية قيل فقه بالضم. واصطلاحا العلم بالأحكام الشرعية العملية الناشئة عن الاجتهاد وموضوعه فعل المكلف من حيث تتوارد تلك الأحكام عليه واستمداده من الأدلة المجمع عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والمختلف فيها كالاستصحاب ومسائله، كل مطلوب خبري يبرهن عليه فيه، وفائدته: امتثال الأوامر واجتناب المناهي، وغايته: انتظام المعاش والمعاد مع الفوز بكل خير دنيوي وأخروي.
الحمد لله الذي علمنا ما لم نعلم، وفضلنا على كثير من خلقه وكرم([1])، وهدانا لدينه([2]) وهداه، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ومن علينا([3]) بما شرع من دين الإسلام، وجعلنا من أمة محمد عليه السلام، إنه ذو الجلال والإكرام([4]).
وأحمده حمد مؤمن مخلص([5]) له الدين، وأصلي على رسوله أحمد([6]) الأمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده([7]) ورسوله، وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق([8]) من عند الله، صلى الله عليه وعلى من صلح من آله وأصحابه أجمعين، صلاة نرجو بها ثواب رب العرش العظيم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، آمين يا رب العالمين.
صفحة ٢
أما بعد حمد الله تعالى بجميع محامده، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله، فإنه قد دعاني إلى إيضاح ما ألفت في هذا الكتاب من مسائل الصلاة ووظائفها بجميع الأسباب وما عليه عولت إن شاء الله وقدر سلامة وأعان على هداه مما قد اعتنيت به وألفته ومن أقوال أصحابنا خاصة جمعته بدلائل مسموعات مستندات وقياسات مستنبطات مستخرجات طلبي لمرضاة الله تعالى وابتغاء ما عنده لا لشيء سواه، لا. لا. وأن أكون في ذلك عونا للمتعلمين ومتبعا سبيل من سلك هذه الطريقة من صالح المؤمنين، لأن الله تعالى قال: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }([9]) ولأن من لم يتحكم على الأصول([10]) قلما تتحصل عنده الفصول كما قال بعضهم، إنما منعهم من الوصول تضييع الأصول، فلما بطلوا تعطلوا، وهذا على غير دراية مني في العلم ولا بلوغ نهاية مني في الفهم ولا ادعاء فضل على الأئمة المتقدمة ولا استنارة بغير ضيائهم، رحمهم الله تعالى أجمعين.
وبعد، جعلت الله على كل مسلم([11]) قرأ هذا الكتاب أن يستعمل فيه عين البصيرة السليمة من جميع الشوائب مخلصا للملك الوهاب، ولا يأخذ فيه إلا بما وافق الحق والصواب، على أني جمعته في أيام دهش وهراش وبلوى على أني قاصر عن بلوغ الدرجة القصوى، ولنقل في كل موضع قلت في كتابي هذا فعندي، والله أعلم أن سبب اختلافهم أو العلة كذا وكذا أنه عندي في غالب الظن لا بمعنى علم مسموع قد ثبت واستن، وكذلك إذا قلت: والدليل كذا وكذا وأن العلة كذا وكذا فإنما هو في الأكثر استدلال واعتلال مني لا من صاحب القول الذي على طريقته أسي وصلى الله على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه.
---------------------------------------------------------------------- ----------
صفحة ٣
[ 1] قوله: وفضلنا على كثير من خلقه وكرم: مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } ( سورة الإسراء الآية رقم 7 ) واختلفوا في التكريم، قال ابن عباس رضي الله عنه: هو أنهم يأكلون بالأيدي وغيرهم يأكل من الأرض بفمه، وقال الضحاك: بالنطق، وقال عطاء: بتعديل القامة وامتدادها والدواب منكبة على وجوهها، وقيل بحسن الصورة وقيل: الرجال باللحاء والنساء بالذوائب، وقيل: بأن سخر لهم سائر الأشياء. ﴿ وحملناهم في البر والبحر } أي في البر على الدواب وفي البحر على السفن ﴿ ورزقناهم من الطيبات } يعني لذيذ المطاعم والمشارب. قال مقاتل: السمن والزبد والحلوى والتمر وجعل رزق غيرهم مما لا يخفى ثم اختلفوا في قوله تعالى: ﴿ وفضلناهم على كثير } فقال: قوم فضلوا على جميع الخلق إلا على الملائكة، وقال الكلبي: فضلوا على جميع الخلائق إلا على طائفة من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وأشباههم عليهم السلام. وفي تفضيل الملائكة على البشر اختلاف وقال: قوم فضلوا على جميع الخلق والملائكة كلهم وقد يوضع الأكثر موضع الكل. قال الله تعالى: ﴿ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم، يلقون السمع وأكثرهم كاذبون } ( الآيات 221، 222، 223 من سورة الشعراء ) أي كلهم، وفي الحديث عن جابر رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ( لما خلق آدم عليه الصلاة والسلام وذريته قالت الملائكة: يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، فقال تعالى: لا أجعل من خلقته بيدي، ونفخت فيه من روحي كمن قلت له ( كن فكان ).
[2] قوله: لدينه، الدين: عرفه بعض قومنا بقوله: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات وقد يفسر بما شرع من الأحكام.
صفحة ٤
[ 3] قوله: من علينا مأخوذ من المن وهو النعمة مطلقا، وقيل بقيد كونها ثقيلة مبتدأة من غير مقابل يوجبها، فنعمه تعالى من محض فضله إذ لا يجب لأحد عليه تعالى شيء خلافا للمعتزلة في وجوب الأصلح عليه كما أشار إليه الشيخ أبو نصر رحمه الله تعالى بقوله: وليس تراعى علة القبح والحسن، وقول الشيخ إسماعيل رحمه الله تعالى في القواعد قبل الاستحقاق فيه تأمل.
[4] قوله: ذو الجلال والإكرام: أي الذي لا جلال ولا كمال إلا هو له ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي صادرة منه، فالجلال في ذاته تعالى وإكرامه فائض منه على خلقه وفنون إكرامه لخلقه لا تكاد تنحصر وتتناهى.
[5] قوله: مخلص، الإخلاص: إخراج الخلق من معاملة الخلق إلى معاملة الخالق.
[6] قوله: أحمد بدل مقصود.
[7] قوله: عبده، العبد لغة: الإنسان، واصطلاحا: المكلف ولو كان ملكا أو جبيا.
[8] قوله: هو الحق: هو لتأكيد الحصر.
[9] سورة المائدة آية 20.
[10] قوله: ولأن من لم يحتكم على الأصول الخ. الأصل له إطلاقا كما تقرر في محله ومقصوده رحمه الله تعالى أن كل شيء متفرع على شيء أو متوقف صحته عليه لا بد في معرفته من معرفة المتفرع عليه أو معرفة ما يصح به كما هنا فإن الفروع الفقهية لها شروط وأركان وموانع لا يعرف صحتها إلا بمعرفة شروطها وأركانها وانتفاء موانعها. والمصنف رحمه الله تكفل ببيان ذلك ليكون عونا للمتعلمين هكذا يظهر المراد ويحتمل أن يريد بالأصول ما يشمل الكتب وبالفروع ما يشمل المسائل، فكأنه قال: من لم يتحكم على الكتب قلما تحصل عنده المسائل والله أعلم.
[11] قوله: جعلت الله على كل الخ. أي كفيلا أو شاهدا أو رقيبا، فإن الكفيل مراع لحال المكفول به، رقيب عليه.
صفحة ٥
باب في أدب([1]) حاجة الإنسان وإذا أراد أن يتهيأ لصلاته عندما يتنبه من نومه فليخرج قاصدا لحاجته، وليباعد من الناس([2])، لما روي أنه كان صاى الله عليه وسلم إذا أراد حاجته أبعد المذهب، وليختر لنفسه موضع السترة([3]) لما روي([4]) ( أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن يقضي الإنسان حاجته والناس ينظرون إليه ) وقال عليه السلام([5]): ( استتروا بستر الله، فإن الستر والحياء([6]) من الإيمان )، ولا يتحدث([7]) مع أحد، ولا ينصت إلى حديث أحد حتى يفرغ من حاجته لما روي أنه صلى الله عليه وسلم ([8]) ( مر به رجل وهو يريد البول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام ) ويكره له أن يعمل عملا في تلك الحال من الطعام أو الشراب أو يطرح القمل من ثوبه فإن قال قائل: لم نهيته عن هذه الأعمال في تلك الحال والسنة إنما وردت في رد السلام؟ قيل له - والله أعلم - إن رد السلام فريضة، وإذا وردت السنة في ترك الفريضة في تلك الحالة فالمباحات أولى بالترك لأن في طبع الخلائق أن المفضول تابع للفاضل، وهو مشغول عما سواها، ولو اشتغل عنها بغيرها لكان ذلك ذريعة إلى وصول النجس إلى ثيابه وبدنه.
صفحة ٦
وقد نهى عن ذلك في الحديث عن أبي عبيدة عن مسلم لجابر رضي الله عنهما قال: بلغني عن رسول الله صاى الله عليه وسلم أنه قال: ( رجلان يعذبان في القبر ولا يعذبان على كبير. أما أحدهما فإنه لا يستبرئ من البول والغائط، وأما الثاني فالذي يمشي بين الناس بالنميمة ) (رواه الجماعة بلفظ آخر)، والعقوبة لا تكون على ترك الفريضة، فإن قال قائل، ولعله إنما نهى عن رد السلام في تلك الحالة لأن السلام اسم من أسماء الله وقد روي أن النبي عليه السلام نهى أن يذكر اسم الله على الخلا([9])، قيل له: ولو كان السلام اسم من أسماء الله عز وجل فرد السلام جواب لمن سلم، والدليل ما روي أن النبي صاى الله عليه وسلمقال: ( لا يسلم من كان في الصلاة ولا على من كان في بول أو غائط ولا على كل مشتغل على الجواب ) فقد جعله من الكلام، وجعله مشغولا بتلك الحالة، وكذلك لا يقرأ القرآن عند حاجة الإنسان لما ذكرنا، ولما روي أيضا عن جابر قال: قال رسول الله صاى الله عليه وسلم: ( في الجنب والحائض والذين لم يكونوا على طهارة لا يقرأون القرآن ولا يطئون مصحفا بأيديهم حتى يكونوا متوضئين، وليرتد لبوله مكانا سهلا، لما روي عن جابر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صاى الله عليه وسلم بينما هو يمشي في الطريق إذ مال إلى دمث فبال وقال: ( إذا بال أحدكم فليرتد لبوله ) رواه أحمد وأبو داود.
والدمث([10]): المكان السهل اللين وقوله ( فليرتد لبوله ) يعني أن يرتاد مكانا لينا ليس بصلب فينضح عليه أو مرتفع فيرجع إليه ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول ولا غائط. والناس في استقبال القبلة واستدبارها على ثلاثة أقوال: قول أنه لا يجوز([11]) استقبال القبلة ولا استدبارها ببول ولا غائط أصلا ولا في موضع من المواضع، وقول إنه يجوز على الإطلاق([12])، وقول: يجوز في المباني([13]) ولا يجوز في الصحاري وغير المدن والمباني.
صفحة ٧
وسبب اختلافهم حديثان متعارضان أحدهما حديث أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صاى الله عليه وسلم قال وهو بمصر: (والله لا أدري([14]) كيف أصنع بهذه الكرايس([15]) وقد قال رسول الله صاى الله عليه وسلم إذا ذهب أحدكم لغائط أو بول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه )، والثاني: حديث ابن عمر([16]) قال: ( دخلت على حفصة فرأيت رسول الله صاى الله عليه وسلم جالسا لحاجته في بيت حفصة بين لبنتين مستدبرا الكعبة مستقبلا لبيت المقدس ) فمن ذهب الجمع حمل حديث أبي أيوب الأنصاري على الصحارى، وحيث لا سترة([17]) وحمل حديث ابن عمر على السترة، وقد روي عن جابر بن زيد قال: سألت ابن عباس عن ذلك قال: إذا كان في الصحاري والقفار، وأما في البيوت فلا بأس لأنه حال بين الناس وبين القبلة حائل وهو الجدار، ومن ذهب مذهب الترجيح رجح حديث أبي أيوب الأنصاري لأنه إذا تعارض حديثان أحدهما فيه شرع والآخر موافق للأصل الذي هو عدم الحكم ولم يعلم المتقدم من المتأخر وجب أن يصار إلى الحديث المثبت للشرع لأنه قد وجب العمل بنقله من طريق العدول وتركه الذي ورد من طريق العدول يمكن أن يكون ذلك قبل شرع ذلك الحكم، ويمكن أن يكون ذلك بعد، فلم يجز أن يترك شرع وجب العمل به بظن لم يؤمن أن يوجب النسخ به إلا لو نقل أنه كان بعد لأنه لم يرفع الشك ما ثبت بالدليل الشرعي. وأما من ذهب مذهب الرجوع إلى الأصل وهو براءة الذمة عند التعارض يوجب أن الشك يسقط الحكم ويرفعه.
صفحة ٨
وقول رابع: من قصر النهي في استقبال القبلة واستدبارها بمكة وهو بمذهب الجمع أليق فإن قال قائل لأي علة([18]) نهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند حاجة الإنسان؟ قيل له: ليس في الشرع أمر ولا نهي إلا وله معنى لأجله حظر أو أبيح إلا أن ذلك على ضربين منه ما عقلنا في الجملة أن مصلحة للمكلف واستأثر الله تعالى بعلم معناه على التفصيل كقوله تعالى: ﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}([19]) فعلمنا أن كل ما نهي عنه في الجملة فواجب لوجوبها قياسا عليها ولم يعلم المعنى في عددها وصفاتها ومواقيتها ولم ينص عليها، ومنه ما ورد النهي بمعناه كقوله تعالى في الخمر والميسر إنها تصد عن ذكر الله وغير هذا من وجوه القياسات، والنظر يوجب عندي أن يكون النهي عن الاستقبال لأجل الكعبة تعظيما لها، فإن قيل يلزمك([20]) على هذا أن تجعل كل ما عظمه الشرع، كذلك، قيل له قد ذكر أن بعض الفقهاء يكره استقبال مطلع الشمس ومغربها([21]) وكذلك الشمس والقمر لأنهما خلقا من نور العرش، فهذا يقتضي المساواة والله أعلم.
صفحة ٩
ولا يجوز استقبال الريح لما روي أن النبي صاى الله عليه وسلم قال: ( إذا أراد أحدكم البول فليتحر الريح )([22]) يعني أن ينظر أين مجراها فلا يتقبلها ولكن يستدبرها لكي لا يرد عليه الريح البول، ولا يكون قعوده لحاجته تحت أشجار مثمرة كانت أو غير مثمرة، وقيل غير ذلك في الشجرة إذا كانت غير مثمرة. والنظر عندي أن سبب الخلاف ما توجبه اللغة من قوله عليه السلام: ( من قضى حاجته تحت شجرة مثمرة أو على ظهر نهر جار أو على طريق عامر أو على باب أو على ظهر مسجد من مساجد([23]) الله فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )([24]) لأن اسم الفاعل من قوله تحت شجرة مثمرة يصلح للحال والاستقبال، فمن اعتبر الحال قال معناه تحت شجرة ذات ثمار، ومن اعتبر الحالين وهو الأصح قال سواء كانت شجرة مثمرة أو غير مثمرة قال الشاعر( وهو كثير): دليل على اسم الفاعل يقع على الاستقبال.
كأني إذا عدوا ضمنت بزى = من العقبان جاثية طلوبا
صفحة ١٠
جريمة ناهض في رأس نيق = ترى العظام ما جمعت صليبا ([25]) قال جريمة ناهض وهو لم يطر بعد، ولا يقعد في موضع يكون للناس فيه مرور ومقعد ولا بيوت الناس([26]) ما خرب منها وما عمر. الدليل ما روي أن النبي عليه السلام قال: ( اتقوا الملاعين وأعدوا النبل )([27]) والنبل الحجارة الصغيرة والمواضع المنهي عنها. وما روي أيضا عنه عليه الصلاة والسلام قال: ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام )([28]) ولا يقضي حاجته في الأجحرة([29]) والدليل ما روي من طريق ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام: ( نهى عن البول والغائط في الأجحرة )([30]) قال ابن عباس: لأنها مساكن إخوانكم من الجن والله أعلم. وكذلك لا يقضي حاجته في أثر الحوافر كلها لأنها مساكن الجن والله أعلم.
صفحة ١١
ولا يقضي حاجته قائما إلا من عذر لأن المفهوم من حديث ابن عباس قال: كان من أدبه عليه الصلاة والسلام لا يكشف إزاره([31]) حتى يقرب من الأرض إذا أراد قضاء حاجة الإنسان أن يكون قاعدا، فإذا جلس فليقل([32]) كما قال عليه الصلاة والسلام إذا دخل الخلاء قال: ( اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث: الشيطان الرجيم)([33]) الرجس: الشيطان، النجس بالكسر: الشيء المنجوس، والخبيث: ذو الخبث في نفسه، والمخبث([34]): الذي هو أصحابه خبثا، وليكن عنده ما يستنجي به عند قضاء حاجة الإنسان من الحجارة، والدليل ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( أعدوا النبل([35]) ) وينبغي له أن يحفر لحاجته([36]) ويسترها لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالسترة عند قضاء حاجة الإنسان، ونهى أن يقضي الإنسان حاجته والناس ينظرون إليه، وذلك من مكارم الأخلاق، وكان من فضائل الأنبياء عليهم السلام لا يرى خلاؤهم، وندب المسلمون إلى الاقتداء بهم عليهم السلام، قال الله تعالى: ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }([37]) فإذا قضى حاجته فليستنظف من الأذى بالحجارة والاستطابة بثلاث أحجار أو سبعة أو بما يمكنه أن يزيل به الأذى عن نفسه، والدليل على هذا ما روي من طريق أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم أمر دينكم )([38]) وأمر أن يستنجي بثلاث أحجار، ونهى عن الروث والرمة([39]) والعظم وما روي عن ابن عباس قال: ( الاستنجاء بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع([40]) ) وقال بعض: يجزئ حجر واحد إذا كان له ثلاثة أحرف قالوا لأن المفهوم من هذا إزالة العين ولم يشترطوا العدد، وقد ذكر عن داود ابن علي([41])، أعظم من هذا قال: يكفي المستنجي ما ينقيه ولم يخص بالذكر حجرا من غيره ولا عددا قال: ولو عدل عن الحجر إلى الخزف([42]) والخشب إن ذلك يجزيه ومن غلب الظاهر على المفهوم أو خصه به قال:
صفحة ١٢
لا بد من ثلاثة أحجار([43]) وهو أقل ما يجزئ أو سبعة أو ما يمكنه([44]) مما يزيل به الأذى عن نفسه وهو قول أصحابنا([45]) رحمهم الله، ومن غلب المفهوم قال يجزئ ولو حجر واحد، ومن جمع بين المفهوم والظاهر حمل العدد على الاستحباب، فإذا وجد الإنسان الماء لم يكن له استعمال غيره أغنى الحجارة فقط لأن فيه غاية الاستطابة ولأن النبي عليه الصلاة والسلام أراد بالاستنجاء الاستطابة، فإن قال قائل: لم خصصتم من العدد الوتر؟ قيل له: قد روي من طريق أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر ) ([46]) فإن قال: ولم خصصتم من الوتر الثلاثة والسبعة([47])؟ قيل له: أما الثلاثة فقد ورد نص الحديث فيها من طريق أبي هريرة والسبعة قد خصها الشرع في غسل الإناء من ولوغ الكلب وهو حديث أبي هريرة أن النبي صاى الله عليه وسلم قال: ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولهن وآخرهن بالتراب )([48]) فكانت السبعة أولى([49])، ولا يستنجي بما سوى الحجارة([50]) من حديد أو رصاص أو تراب أو رضف([51]) أو غيره إلا في حال الضرورة لأن الحديث ورد في الحجارة([52])، ولا يستنجي بعود رطب([53]) ولا بحشيش، رطبا كان أو يابسا لأنه علف البهائم كما روي في الحديث أن الجن شكوا([54]) إلى النبي عليه السلام قلة الزاد وقال لهم النبي عليه السلام: ( كلما مررتم بعظم قد ذكر اسم الله عليه فهو لكم لحم غريض([55]) وكلما مررتم بروث فهو علف لدوابكم قالوا يا رسول الله إن بني آدم ينجسونه علينا.
صفحة ١٣
فعند ذلك نهى النبي عليه السلام أن يستنجى بالعظم والروث)([56]) ولا يستنجى بقصب الزرع أو غيره إذا حصد مثل قصب الفول والعدس وكذلك كل ما له ثمر وكذلك عروقه وكذلك شماريخ النخل إذا نزع الثمر من عذقها([57])، لا يستنجى بهذا كله لحرمة الثمار التي تكون منه لأن ما كان منه الشيء فهو مثله فإن قال قائل: أليس قد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: ( إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم أمر دينكم )؟ وأمر أن يستنجى بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة والعظم، فخص بالنهي الروث والعظم فقد دل دليل الخطاب أن ما سواهما مباح قيل له إنما نهى عن الروث والعظم أن العظم زاد الجن، والروث زاد دوابهم، وكذلك طعام بني آدم وطعام بهائمهم قياسا على الجن([58])، فإن قال: وما ليس بعلف الدواب مثل الأشجار أشجار البراري وغيرها قيل له: كل ما تنبت الأرض فهو مرعى للبهائم وبني آدم، فإن قال: وما سوى النبات والأشجار ينبغي أن يكون حكمه على الإباحة حتى يرد فيه الشرع ويخصه قيل له: والحجارة ما حكمها عندك وقد ورد فيها الشرع وخصها، فإن قال: حكمها الندب، قيل له: فهو مخير إذا بين الحجارة([59]) التي هي ندب وغيرها الذي هو على الإباحة، فإن قال: نعم ولا بد من ذلك([60]) أبطل قوله ونقضه لأن التخيير بين الإباحة والندب لا يجوز لأن ذلك يخرج كل واحد منهما عن صفته والله أعلم.
ولا يستنجي بيمينه ([61]) لما روي من طريق أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره([62]) بيمينه )([63]) ولا يستنجي بما استنجى به مرة([64]) لما روي عن النبي صاى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي بما استنجى به مرة.
ويستر حجر الاستنجاء([65]) كما يستر حاجته لأن المعنى واحد والله أعلم.
---------------------------------------------------------------------- ----------
صفحة ١٤
[ 1]- قوله: في أدب، أي في أدب قضاء الحاجة، عرف بعضهم الأدب الأعم من أدب قضاء الحاجة بأنه تعلم علم الفرائض والسنن وما أمر الله به وندب إليه وإتباع الأحسن والأتم.
قوله: في أدب، الأدب محركة: التصرف وحسن التناول أدب كحسن أدبا فهو أديب والجمع آداب، وأدبة علمه فتأدب واستأدب، والأدبة بالضم والمأدبة والمأدبة طعام صنع لدعوة أو عرس، وأدب البلاد إيدابا: ملأها عدلا.
قوله: في أدب حاجة الإنسان الخ، الأدب مفرد مضاف فيعم أي كل أدب لقضاء الحاجة، والظاهر أن الإضافة للجنس وليست للاستغراق إذ المصنف لم يستوعب جميع الآداب، راجع وحرر إذ لم يذكر من ذلك عدم استقبال الزرع ولا ما تنبت الأرض من بقلها ولا عدم القعود في الخلاء في الحرث، نبت الزرع أو لم ينبت، وكذا لم يذكر أنه يحذر أن يلقاه أحد من الناس أو يلقى أحدا أو يصحبه أحد أو يصاحب أحدا وألا يخرج إلى القبلة.
[2]- قوله: وليباعد من الناس: لم يبين حكمه، وكأنه الندب، وهذا خاص بالفضاء كما نص عليه الشيخ إسماعيل رحمه الله تعالى.
وقوله: وليباعد، ظاهره ولو كانت الحاجة بولا، وقيده الشيخ إسماعيل رحمه الله تعالى بالغائط وهو المناسب، والحكمة فيه سد الذريعة على النظر إليه وسماع الخارج منه.
[3] -قوله: وليختر لنفسه موضع السترة الخ: الظاهر أن الدليل أخص من المدعى إذ المدعى ندبية الستر لا إيجابه إذ المحرم إبداء العورة، والدليل على حرمة التعري للناس حال نظرهم إليه تأمل.
قلت: يمكن أن يقال المقصود ينظرون إلى شخصه لا إلى عورته فيكون مما تأول.
قوله: وليباعد وليختر، ظاهر كلام المصنف رحمه الله أنه لا يكفي أحدهما لأنه قد يستتر ويكون قريبا بحيث يسمع ويؤخذ من قوله والناس ينظرون إليه إن ذلك في الفضاء.
[4] -رواه أبو داود والترمذي.
[5] - رواه أحمد.
صفحة ١٥
[ 6]- قوله: والحياء عرف بأنه تغير يعتري الإنسان من لحوق ما يعاب به، وعرفه بعض قومنا بقوله: خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذوي الحق، وروي عن الجنيد أنه قال: الحياء رؤية للآلاء أي النعم ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء، وإنما جعل من الإيمان وإن كان غريزة لأنه قد يكون تخلفا واكتسابا كسائر أعمال البر وقد يكون غريزة لكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم ولكونه باعثا على أفعال البر، ومانعا من المعاصي.
صفحة ١٦
[ 7]- قوله: لا يتحدث مع أحد فينبغي أن يقيد بما إذا كان لغير مهم كتنجية نفس أو مال، وهذا شامل للفضاء والكنيف ولو قال فليسكت لكان أعم وأشمل لشموله إنشاد الشعر لنفسه ونحوه تأمل. قوله: ولا ينصت الخ ظاهره الكراهة ولو في رد السلام وفي عبارة بعض العمانيين: ولا يجوز لمن كان يبول أن يرد السلام، إلا أن بعض أصحابنا أوجب الرد إذا فرغ، وكان الشيخ أبو محمد لا يرد السلام على من كان في تلك الحالة ولا يوجب فيها رد السلام، قال أبو علي: من كان في حالة قضاء حاجة الإنسان فلا أرى بأسا أن يكلم غيره إذا كلمه أو يتكلم لحاجة تعنيه وقوله ويكره الخ يؤخذ منه أنه لا يشمت عاطسا ولا يحمد إذا عطس ولا يحكي مؤذنا. قوله: وقد نهى عن ذلك في الحديث، لفظ الحديث في كتب المخالفين عن ابن عباس مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير - زاد في رواية البخاري - بلى إنه كبير أي عند الله أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتم من بوله أي لا يحسن الاستبراء، قال العلماء: وما يعذبان في كبير أي في ظنهما أو كبير تركه عليهما أو عند الناس وإن كان كبيرا عند الله وبه يبطل ما توهم أن النميمة ليست من الكبائر والله أعلم، فالاستبراء مأمور به لأنه فرض، فيكون عدم الاستبراء منهي عنه لأن الأمر بشيء نهي عن ضده عند البعض وإذا نهي عن عدم الاستبراء فقد نهي عن إيصال النجس إلى الثياب والبدن تأمل.
[8]- رواه الجماعة إلا البخاري.
ورواه جابر: قال: ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكان لا يأتي البراز حتى يغيب فلا يرى ). ورواه ابن ماجة، ولأبي داود: ( كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد ).
صفحة ١٧
[ 9]- قوله على الخلاء، الخلاء بالمد، موضع قضاء الحاجة، وأصله المكان الخالي ثم نقل إلى موضع قضاء الحاجة قيل سمي بذلك باسم شيطان فيه يقال له خلاء وقيل لأنه يتخلا فيه أي يتبرز وجمعه أخلية كرداء وأردية، ويسمى: المذهب والرفق والكنيف، والمرحاض والميمار.
قوله: لما ذكرنا أي من كونه مشغولا بتلك الحالة عن غيرها.
قوله: ولما روي عن جابر، ولعل وجه الاستدلال من الحديث أن الشيخ رحمه الله حمل قوله صاى الله عليه وسلم في الحديث والذين لم يكونوا على طهارة على الملتبسين المشتغلين بالبول والغائط حتى يصح الاستدلال به على ما ادعاه ولعله أيضا حمل قوله أيضا حتى يكونوا متوضئين على الوضوء اللغوي أي النظافة، وهي لكل أحد بحسبه، فالجنب والحائض: الاغتسال، ولغيرهما الاستبراء وغسل يديه، فلا ينافي ما سيأتي أن غير الحائض والجنب له أن يمس المصحف ويقرأ الرآن وفيه نظر تأمل. قلت وجه النظر أنه يحتمل أن الحديث محمول على ظاهره والاستدلال بالمفهوم الأولى لأنه امتنع عن غير المتطهرين قراءة القرآن فمن باب أولى الملابسين لتلك الحالة وسيأتي أن المصنف رحمه الله يتكلم فيما بعد حرره.
[10]- قوله: الدمث في القاموس: دمث المكان وغيره، كفرح سهل ولان، والدماثة: سهولة الخلق، والتدميث: التليين.
[11]- قوله: قول إنه لا يجوز هو قول أبي أيوب عبدالله بن زيد الأنصاري الصحابي ومجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبي ثور وأحمد في رواية عنه، وقد بقي مذهب رابع وهو لا يجوز الاستقبال لا في الصحاري ولا في البنيان ويجوز الاستدبار فيهما وهو أحد الروايتين عن أبي حنيفة وأحمد.
[12]- قوله: على الإطلاق أي في البنيان والصحاري جميعا وهو مذهب عروة بن الزبير وربيعة شيخ مالك وداود الظاهري.
صفحة ١٨
[ 13]- قوله: وقول يجوز في المباني هو مذهب مالك والشافعي وهو مروي عن العباس ابن عبد المطلب وعبد الله بن عمر والشعبي وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل في أحد الروايتين وهو رواية جابر بن زيد رضي الله عنه على ما رواه أبو عبيدة.
[14]- رواه السبعة بلفظ: ( لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا ).
[15] -قوله: الكرايس: جمع كرياس بالياء المثناة التحتية وهو المرحاض الذي يكون على السطوح وما كان على الأرض يسمى كنيفا. أبو عبيدة: يقال لموضع الغائط المرحاض والخلاء والمذهب والمرفق.
[16] - رواه الجماعة.
[17]- قوله: وحيث لا سترة يحتمل أن يكون تقييدا لقوله على الصحارى فيجوز في ساتر ويحتمل أن يكون ليس تقييدا وإنما هو معطوف على الصحارى أي على الصحارى وفي غيرها كالمدن والقرى إذا لم يكن هناك ساتر وفي هذا الفرع الأخير خلاف. وعبارة خليل المالكي: وجاز بمنزل وطئ وبول وغائط مستقبلا قبلة ومستدبرا وإن لم يلجأ وأولى بالساتر وبالإطلاق وفي الفرع الأول حلاف أيضا بناء على أن العلة هي الستر من الملائكة المصلين السياحين في الأرض وصالحي الجن وتعظيم الكعبة وجهتها فإن قلنا بالأول جاز الاستقبال والاستدبار في الفضاء مع وجود الساتر، وإن قلنا بالثاني لم يجز مطلقا والمختار الثاني كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى فعلى مقتضى كلامه لا يجوز الاستقبال ولا الاستدبار مطلقا.
[18]- قوله: فإن قال قائل لأي علة الخ، قلت: هذا مذهب الفقهاء والأصوليين في الأحكام. وأما أحكام الله تعالى فقيل إنها تعلل بالأغراض وهو مذهب المعتزلة، وقيل لا تعلل أصلا وهو مذهب بعض الأشعرية، وذهب المحققون منهم إلى أنها تشتمل على حكم ومصالح، ولعل مذهب الأصحاب يوافق هذا القول.
[19]- سورة العنكبوت آية 45.
[20] قوله: يلزمك على هذا الخ، لا يلزم ما ذكر لجواز أن يكون النهي عن ذلك لخصوصية الكعبة كما خصت بأمور لا تثبت لغيرها.
صفحة ١٩
[ 21] قوله: يكره استقبال مطلع الشمس الخ، قلت: مقتضى كلامه التحريم كالقبلة ولا بعد فيه، وهو خلاف موجود خارج المذهب، فقد حكى صاحب الشمائل فيه الخلاف من غير ترجيح، والظاهر أن بيت المقدس كذلك وعند الشافعية يكره استقبال بيت المقدس، وعند المالكية يباح ولا يكره على ما في التوضيح.
[22] رواه الربيع.
[23] قوله: مسجد من مساجد الله في الديوان إن دخل المسجد وغلق عليه الباب أو منعه الخوف من الخروج منه وقد شق عليه الأمر ولا يستطيع أن يملك نفسه فيقصد إلى المحراب فيقضي حاجته فيه وإن قصد ركن الشمال فلا بأس وليصلح بعد ذلك ما أفسده في المسجد وليطيبه بما أمكنه وقيل: إنه لا يقصد إلى المحراب ولكن يقصد إلى محل تقل فيه المضرة لأهل المسجد وإن حصر الرجل فوق المسجد ولم يجد إلى النزول سبيلا وحصره حاجة الإنسان فلينظر موضعا لا يضر فيه فليقض حاجته وليصلح ما أفسد.
[24] أخرجه الطبراني في مسنده من حديث ابن عمر بسند ضعيف.
[25] قوله: جريمة، في الصحاح: وجرم يجرم أي كسب فلان جريمة أهله أي كاسبهم وقال أبو خراش: جريمة ناهض البيت.
قوله: ناهض، في الصحاح: نهض ينهض نهضا ونهوضا قام، وانتهضته أنا فانتهض واستنهضته لأمر كذا إذا أمرته بالنهوض له، وناهضته أي قاومته، وتناهض القوم في الحرب إذا نهض كل فريق إلى صاحبه ونهض النبت: استوى، ونهض الطير: أي بسط جناحه ليطير، والناهض: فرخ الطائر الذي وفر جناحاه للطير.
قوله: ينق، النيق: أعظم موضع في الجبل، والجمع: نياق صحاح.
قوله: صليبا، أي ودك العظام.
صفحة ٢٠
[ 26] قوله: بيوت الناس، في الديوان: وإن دخل دار غيره بإذن أو البيت الذي لا يحتاج إلى الإذن في دخولها مثل البيوت غير المسكونة فشد عليه الأمر وخاف الحدث، فإن كان في ذلك البيت أو الدار مستراح فإنه يقصده ويقضي حاجته وإن لم يكن فيه ولم يجد في نفسه احتمالا فليقصد موضعا لا يضر أهل البيت ويقضي فيه حاجته ويصلح ما أفسد ويطلب صاحب البيت أن يجعله في حل.
[27] رواه أبو هريرة. وأخرجه مسلم بلفظ: ( اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم ).
[28] رواه أحمد وابن ماجة عن ابن عباس.
[29] قوله: ولا يقضي حاجته في الأجحرة، الظاهر أن النهي للتحريم وعبارة الديوان: فليحذر الجحر لئلا يخرج منه الدواب المؤذية من الحيات وغيرها، وثم رخصة إذا لم يجد ما يحفر به ووجد أثر حافر فرس وغيره أن يزيد فيه بالحفر ويذكر اسم الله ويقضي حاجته فيه انتهى. واختار النووي من وقمنا التحريم قال: للنهي الصريح إلا أن يعد لذلك فلا حظر ولا كراهة وأما عند مالك فيكره.
قوله: الأجحرة جمع جحر بضم الجيم وهو ما استدار، وهل يلحق به ما استطال وهو الشق والسرب بسين مهملة مشدودة وظاهر التعليل الإلحاق.
[30] أخرجه أبو داود والنسائي من رواية عبد الله بن سرجس بلفظ آخر.
قوله: نهى عن البول والغائط في الأجحرة قيل: إن البول في الجحر هو سبب موت سعد بن عبادة، وذلك أنه كان بالشام فقام ليلة فبال في جحر فمات فبينما غلمان بالمدينة يتغاطسون في بئر سكن نصف النهار في شدة الحر إذ سمعوا قائلا يقول في البئر:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة = رميناه بسهم فلم تخط فؤاده.
فذكر الغلمان وحفظ ذلك اليوم فوجد اليوم الذي مات فيه سعد بالشام.
[31] أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس رضي الله عنه بلفظ ( إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض).
صفحة ٢١