فأثبت الله تعالى المناجاة بهذه الكلمات، والكلمات حقيقتها لاتعقل إلا بالحروف، واتصاف البارئ بما هو من لوازم المحدثات محال تعالى الله عن الحدث علوًا كبيرًا.
والذي يدل على قدم الحروف من كلام العلماء وإخبار السلف والصلحاء وجوه:
الأول: ما نقل عن الإمام أحمد١ ﵁ في رسالته إلى أهل نيسابور وجرجان أنه قال: من زعم أن حروف الهجى مخلوقة فهو كافر لأنه سلك طريقًا إلى البدعة، لأنه متى حكم بأنها مخلوقة فقد حكم بأن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر.
ونقل عنه أيضًا ﵀، أنه قال فيمن حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أنه لايحنث ولو كانت مخلوقة لحنث بالقياس على غيرها.
الثاني: ما روي عن أبي القاسم عبد الرحمن بن مندة٢ ﵀ أنه قال:
_________
= (١٠٩٩) والبيهقي في" الشعب" (١٠٥٢٧) من طريق أبي مالك الجنبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعًا.
قال الطبراني: لايروى هذا الحديث عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، فتفرد به أبو مالك.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه جويبر، وهو ضعيف جدًا"مجمع الزوائد" (٨/٢٠٣) .
أقول: جويبر هذا هو ابن سعيد:
قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الجوزاني: لايشتغل به وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك الحديث."ميزان الاعتدال" (٢/١٦١)
١ أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزي ثم البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، والإمام حقًا وشيخ الإسلام صدقًا، توفي سنة
(٢٤١هـ) "سير أعلام النبلاء" (٩/٤٣٤) .
٢ عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة العبدي الأصبهاني، الشيخ الإمام، المحدث، المفيد، الكبير، المصنف، أبو القاسم، ولد سنة (٣٨١هـ) وتوفي سنة (٤٧٠هـ) "سير أعلام النبلاء" (٦٣٤) .
1 / 20