بعضها إلى بعض، فقال: هذا شاة، وهذا بعير، وهذا فرس إلى أن سمى جميع المخلوقات التي ستوجد١.
الثالث: قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ٣-٥] وهذا نصّ على أن ما يكون بالقلم، تعليمه ﷾، وثبت بما تقدم إنما هو تعليمه غير مخلوق، والتعليم بالقلم ليس إلا الحروف.
الرابع: هذه الحروف من علم الله لما سبق وقوله تعالى: ﴿وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] أخبر تعالى أنه علم الكاتب الكتابة، والكتابة ليس إلا الحروف، وعلمه غير مخلوق بالإجماع.
الخامس: في القرآن آيتان جمعتا حروف المعجم:
إحداهما: في سورة آل عمران وهو قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا﴾ [آل عمران: ١٥٤] .
والثانية: آخر سورة الفتح٢.
فمن زعم أن الحروف مخلوقة فقد صرّح بحدث الكتب المنزلة على الأنبياء من إله السماء.
السادس: لما اقتضت الحكمة الإلهية إثبات ما هو كائن في اللوح المحفوظ دلّ
_________
١ روي هذا عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة. انظر" تفسير القرآن العظيم" لابن أبي حاتم، و" تفسير مجاهد" (١/٧٣)، وتفسير عبد الرزاق (١/٦٥) .
٢ في قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [سورة الفتح الآية: ٢٩]
1 / 18