" الإيمان بالله - تعالى - علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات، والمعاصي، والأرزاق، والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق (¬2) "، وهذا مقتضى قول المصنف: (قدر المقادير قبل أن يخلق العباد وفرغ مما هو كائن يوم المعاد ...... ). يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء " (¬3). وقال عليه الصلاة والسلام: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب قال: ما أكتب ? قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد " (¬1). وهذا الحديث بضم (القلم) على أن القلم، خبر أول، فهو أول مخلوق، خلافا لمن قال بغير ذلك (¬2).
الأصل الثاني: الكتابة: وذلك بكتابة المقادير في اللوح المحفوظ، يقول تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (¬3)، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
الكتاب كتابان؛ كتاب يمحو الله في ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء " (¬4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر" (¬5).
ويتبع تلك الكتابة كتابات أخر؛ ألا وهي: الكتابة في التقدير العمري، وللتقدير الأزلي، وفي ليلة القدر وكل يوم، والكتابة قبل خلق آدم بأربعين سنة، وكلها يجب الإيمان بها.
الأصل الثالث: الإيمان بمشيئة الله وقدرته النافذة؛ فما في الكون من حركة ولا سكون ولا حي ولا ميت ولا أفعال اضطرارية ولا اختيارية إلا وتقع بمشيئة الله وقدرته، فما شاء كان ومالم يشأ لم يكن (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ويدخل تحت هذا الأصل:
الإرادة بنوعيها، الشرعية، والكونية.
الأصل الرابع: الإيمان خلق الله لأفعال العباد قال تعالى (والله خلقكم وما تعملون) (¬6) علي وجهي التفسير ل " ما " على أنها: -
1 - مصدرية فيكون المعنى: - والله خلقكم وعملكم أي عملكم لهذه الأصنام.
2 - موصولة، فتكون " والذي تعملونه " وهذا مصداق قوله عليه السلام: "إن الله تعالى صانع كل صانع وصنعته " (¬7).
صفحة ٩