بسم الله الرحمن الرحيم
" رب زدني علما "
الحمد لله المتفضل على عباده بالنعم والآلاء , الرحمن بخلقه في الشدائد والرخاء , المستجيب لعباده المسرف والمطيع في الدعاء , الذي هدانا لسبيله، وخصنا برسوله النبي الأمي خير الأنبياء , وجعلنا من أمته؛ فذلك الفضل من ربنا وسيدنا , خالق الأرض والسماء , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , شهادة أرجو بها أن يدخلني ربي دار الأصفياء , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , الذي اختصه من بين الأنبياء , وشرفه بالشفاعة لفصل القضاء , وحرم الجنة على الخلائق حتى يدخلها أمته الغر المحجلون الاتقياء.
أما بعد: فإن بعض إخواني، سألني عقيدة أهل السنة والجماعة؛ ليتبعها , فأجبته إلى ذلك؛ رجاء الثواب والدعاء، والله الموفق والمستعان.
فإن الواجب اعتقاده، وهو أن يعلم أن الله واحد أحد ، فرد صمد،
لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد , قديم أزلي، لا أول لوجوده، ولا آخر لدوامه , ليس بجسم ولا بصورة , وهو منزه عن أمارات الحدث , متفرد بالعدم على كل محدث (¬1).
(1) المسألة الأولى:
تحدث المصنف في هذه المسألة عن أحدية الله عز وجل، وأنه أحد أحد، فرد صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
ثم عرج على عقيدة أهل السنة، في مسألة الأعراض والأجسام، وأن الله تعالى قديم أزلي، لا أول لوجوده، ولا آخر لدوامه , كما قال الإمام الطحاوي رحمه الله في الطحاوية: " قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء, لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يريد، لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام " (¬2).
ثم يثبت بعد ذلك مسألة، هي من غوامض المسائل، ألا وهي:
إثبات الصفات الاختيارية، المتعلقة بالمشيئة والإرادة الإلهية، مخالفا بذلك عقيدة أبى سعيد الكلاب، الذي يرى إثبات الصفات الاختيارية؛ ولكنه يقول:
صفحة ٤
إنها قديمة أزلية، غير قابلة للحدوث؛ لأن الله منزه عن الحوادث , فلا يجوز أن تحل به الحوادث لأنه سبحانه ليس محلا للحوادث. ولما كان عز وجل ليس محلا للحوادث وجب أن تكون صفاته قديمة أزلية قائمة بذاته غير متحولة من حال إلى حال لأن التحول في جانب الله محال. وهذا هو حاصل قول المؤلف عن الله تبارك وتعالى: " قديم أزلي لا أول لوجوده ولا أخر لدوامه ,ليس بجسم ولا بصورة , وهو منزه عن أمارات الحدث , منفرد بالعدم على كل محدث ".
صفحة ٥
موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان نبيه محمد
خاتم المرسلين صلى الله عليهم وسلم أجمعين , كما جاء بلا تفسير ولا تكييف , لا مدخل للعقل والقياس في ذلك إلا من جهته بمنه وفضله، فهو السميع لجميع المسموعات, والبصير لجميع المبصورات، القادر على جميع المقدورات , العالم بجميع المعلومات. (¬1)
(2) المسألة الثانية:
تناول فيها المؤلف رحمة الله عليه , إثبات الصفات لله عز وجل، وتناولها فى موضعين , هذا هو الموضع الأول: فيثبت لله تبارك وتعالي الصفات التي وردت في كتابه، وعلى لسان نبيه صلي الله عليه وسلم , بلا تفسير , ولا تكييف , ولا مدخل للعقل في ذلك. ويقصد بالتفسير (التأويل) لهذه الصفات , وهو مجمل اعتقاد أهل السنة في ذلك , كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه في العقيدة الواسطية: " ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (¬2) ".
أما الموضع الثانى الذي تناول فيه المصنف هذه القضية , فقد تناول فيه آيات الصفات وأحاديثها، وأنها تمر كما جاءت , دالة على معانيها اللائقة بجلال الله , من غير تأويل ولا تكييف , وهذا هو الوارد عن السلف في آيات الصفات أنهم قالوا: أمروها كما جاءت , دالة على معانيها. فتفويض السلف هنا , هو تفويض كيف لا معنى. أعني: أن السلف يثبتون لله الأسماء والصفات دالة على المعنى العربي المخاطب به العربي الصحيح العاقل لمعاني الكلام مع التصريح بوجود الكيف، مع جهلنا به كما ورد عن أم سلمة (¬3) رضي الله عنها، والإمام مالك رحمه الله، لما سئلا عن صفة الاستواء فقالا:
الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة.
صفحة ٦
الخالق لجميع المخلوقات، المدبر لجميع الحوادث والمرادات , الحق
الدائم ,الباقي المتكلم، الحكم في جميع المصنوعات , لا إله إلا هو , ولا رب سواه , ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير , منزه عن الصاحبة، والأولاد، وكل ما فيه نقص أو فساد (¬1)
(3) المسألة الثالثة:
ضمنها المصنف رحمه الله في الكلام على الأسماء والصفات، ألا وهي:
إفراد الله تعالى بالربوبية، فالرب في اللغة، من (ر ب ي) وهو المربي؛ فهو سبحانه وتعالى المربي لخلقه، القائم على شؤونهم، والمصلح لأمورهم بما فيه صلاحهم. وهو يعني انفراده بثلاث معاني:
الأول: الخلق والرزق والإحياء والإماتة والنفع والضر.
الثاني: إنفراد الله تعالى بالملك والملك التامين.
الثالث: إفراد الله تعالى بالأمر والنهي والتشريع والسيادة (¬2).
صفحة ٧
قدر المقادير قبل أن يخلق العباد، وفرغ مما هو / كائن إلى يوم
المعاد , وما بعد ذلك، فلا يكون في جميع المخلوقات إلا ما أراده، وقضاه، وقدره , فكل ما يوجد من عمل، أو أمر , أو رزق، أو أجل، أو حياه، أو موت , أو خير، أو شر , أو نفع، أو ضر , أو طاعة، أو معصية , أو هداية، أو ضلال , قد قضى به، وقدره , أحاط به علمه , وأحصاه كتابه، ونفذت فيه مشيئته، وقدرته , ليس لأحد عليه من خلقه أن يقول لم كان كذا , فمن أثابه فبفضله ومنته , ومن عاقبه , فبحق ملكه (¬1).
(4) المسألة الرابعة:
تناول فيها المصنف رحمه الله، الأصل السادس من أصول الإيمان؛ وهو الإيمان بالقضاء والقدر، وبمراتب الإيمان بالقضاء والقدر مجملة.
تلك المراتب هي:
الأصل الأول:
الإيمان بعلم الله تعالى القديم الأزلي، كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة " الواسطية ":
صفحة ٨
" الإيمان بالله - تعالى - علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات، والمعاصي، والأرزاق، والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق (¬2) "، وهذا مقتضى قول المصنف: (قدر المقادير قبل أن يخلق العباد وفرغ مما هو كائن يوم المعاد ...... ). يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء " (¬3). وقال عليه الصلاة والسلام: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب قال: ما أكتب ? قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد " (¬1). وهذا الحديث بضم (القلم) على أن القلم، خبر أول، فهو أول مخلوق، خلافا لمن قال بغير ذلك (¬2).
الأصل الثاني: الكتابة: وذلك بكتابة المقادير في اللوح المحفوظ، يقول تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (¬3)، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
الكتاب كتابان؛ كتاب يمحو الله في ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم " كتب الله تعالى مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء " (¬4).
وقال صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر" (¬5).
ويتبع تلك الكتابة كتابات أخر؛ ألا وهي: الكتابة في التقدير العمري، وللتقدير الأزلي، وفي ليلة القدر وكل يوم، والكتابة قبل خلق آدم بأربعين سنة، وكلها يجب الإيمان بها.
الأصل الثالث: الإيمان بمشيئة الله وقدرته النافذة؛ فما في الكون من حركة ولا سكون ولا حي ولا ميت ولا أفعال اضطرارية ولا اختيارية إلا وتقع بمشيئة الله وقدرته، فما شاء كان ومالم يشأ لم يكن (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ويدخل تحت هذا الأصل:
الإرادة بنوعيها، الشرعية، والكونية.
الأصل الرابع: الإيمان خلق الله لأفعال العباد قال تعالى (والله خلقكم وما تعملون) (¬6) علي وجهي التفسير ل " ما " على أنها: -
1 - مصدرية فيكون المعنى: - والله خلقكم وعملكم أي عملكم لهذه الأصنام.
2 - موصولة، فتكون " والذي تعملونه " وهذا مصداق قوله عليه السلام: "إن الله تعالى صانع كل صانع وصنعته " (¬7).
صفحة ٩
........................................................................ ..........
فلا بد من التفريق بين فعل العبد وفعل الرب، كما يقول أهل السنة: " والعبد فاعل منفعل " قال تعالى: " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " (¬1)، فالعباد خلق الله لهم قدرة ومشيئة بها تقع أفعالهم، ولا تخرج عن مشيئة الله وقدرته، " وهذا هو الكسب ".
ويمثل أهل السنة لذلك بالأب والأم مع الولد ، فلولا الأب والأم ما كان الولد (¬2)، أيضا لا دخل للعقل في مسائل القضاء، بل لا بد من التسليم المطلق لله ظاهرا وباطنا، لا مظهرا الرضى معترضا بباطنه.
كقول المعري:
يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في نصف دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار
فهذا من الاعتراض الباطن على القدر، والذي دائما ما يوسوس به الشيطان، وليس للعبد إلا أن يقول كما قال الله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (23) (¬3) مع التسليم بقدرته الله ومشيئته.
فهذا مختصر ما كتبه المصنف رحمه الله في هذا الباب.
صفحة ١٠
وبعث النبي محمدا صلى الله عليه وسلم بالرسالة , وإلى كافة خلقه
لينقذهم من الجهل والضلالة , وختم به النبيين , ونسخ بشريعته ما خالفها من الشرائع أجمعين (¬1)
(5) المسألة الخامسة:
مسألة الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وهي فمن مسائل النبوات التي يجب الإيمان بها وتتضمن تلك المسائل مجموعة من القواعد الكلية منها: -
1 - إرسال النبي عليه السلام إلى الخلق كافة، جنهم، وإنسهم، وإن كان هناك يتجوز ويقول بإرساله إلى الملائكة أيضا كالسيوطي في "تزيين الأرائك في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملائك (¬2) " لهذه المسألة. قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "وقال عليه السلام: " فضلت على الأنبياء بخمس: بعثت إلى الناس كافة وادخرت شفاعتي لأمتي ونصرت بالرعب شهرا أمامي وشهرا خلفي وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي" (¬3). . في حديث التفضيل على الأنبياء.
2 - مسالة ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكل من ادعى النبوة والرسالة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو (كافر) خارج عن ملة الإسلام لمخالفته المعلوم من الدين بالضرورة، يقول تعالى:
صفحة ١١
(ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (40) (¬4). فكل طوائف البابية (¬5) والبهائية خارجون عن ملة الإسلام؛ لادعائهم بعدم ختم النبوة، يقول عليه السلام " لا تقوم الساعة حتى تقتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله ". (¬6) ........................................................................ ................
فخرج منهم مسيلمة، والمختار بن عبيد، والأسود العنسي، وسجاح العامرية .. إلخ.
ومنها الإيمان بنسخ شريعة النبي عليه الصلاة والسلام بالشرائع السابقة، والنسخ ثابت في القرءان والسنة .. قال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) " (¬1) والنسخ لغة، الإزالة، ومنه نسخت الشمس الظل أي أزالته، وهو في القرءان على ثلاثة أقسام ليس هذا موضع بسطها.
صفحة ١٢
وجعل معجزته الدالة على صحت نبوته , القرآن العظيم، الذي لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد ,الذي عجز جميع الفصحاء عن معارضته ,وأقره الله تبارك وتعالى في يدي أمته؛ لبقاء شريعته إلى يوم القيامة (¬1).
(6) المسألة السادسة:
الإيمان بالقرءان، الذي هو معجزة النبي، صلى الله عليه وسلم، والدليل على صحة نبوته، عليه الصلاة والسلام، وهي الأصل الثالث من أصول الإيمان، وهي:
أن نؤمن بأن القرءان الكريم من عند الله، وأنه كلام الله تعالى، ونؤمن بالكتب المنزلة من عنده سبحانه وتعالى، منها: الستة التي ذكرت في القرءان الكريم وهي:
القرءان، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى.
ونؤمن بأن هذه الكتب من عند الله، وأنها مما وقع فيه التحريف، والتغيير، والتبديل، عدا القرءان الكريم، الذي هو المهيمن عليها، المصدق لما فيها من الحق، والشاهد على ما بدلوه وحرفوه. ومن ذلك التحريف، قولهم في التوراة المحرفة:
"إن الله لما أهلك أهل الأرض بالطوفان، بكى حتى رمدت عيناه، وعادته الملائكة ". تعالى الله عن قولهم وكفرهم علوا كبيرا.
فالقرءان الكريم هو الكتاب الذي تعهد الله بحفظه، بعدما أوكل حفظ الكتب الأخرى إلى أهلها، فحرفوها وبدلوها، قال الله تعالى:
} إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (¬2)
ثم إن القران كلام الله غير مخلوق منه بدأ، وإليه يعود قبل يوم القيامة، تكلم به حقيقة، فليس حكاية عن كلام الله، ولا عبارة عن كلام الله، كما يزعم الأشاعرة. وسيتعرض المصنف لهذه المسألة بعد قليل ولكن لما كان الحديث عن معجزة القرءان محلا للحديث عن الإيمان بالكتب كان التنبيه سابقا هنا.
صفحة ١٣
وأكد ذلك بما أظهره على يديه من البراهين الباهرة , والدلالات
الظاهرة , كانشقاق القمر , واستنزال المطر , وإزالة الصور , ونبع الماء من بين أصابعه , وتسبيح الحصى بيده , وكلام البهائم له , وحنين الجزع إليه , ونحو ذلك كثير مما استفيض نقله , واشتهر أمره (¬1).
(7) - المسالة السابعة ..
معجزات الأنبياء .. تكلم المصنف على ما وقع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من معجزات كانت ذات دلالات قطعية على انه رسول الله والمعجزة كما هو معروف هي حدث خارق للعادة يقع على يدي من أرسلهم الله تعالى، وقد أفرد كثير من السلف هذه المسألة بالتصنيف منهم البيهقي في دلائل النبوة، أفراد لها مجلدا خاصا بمعجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر المصنف من تلك المعجزات (انشقاق القمر، واستنزال المطر، وإزالة الصور .. الخ
أما انشقاق القمر فقد انزل الله فيها سورة مفردة سماها بهذا الاسم وأما استنزال المطر
لما دخل الأعرابي (¬2) عليه المسجد وهو على المنبر فما نزل حتى انحدر المطر من على لحيته الشريفة. وأما إزالة الصور فمشهورة في عام فتح مكة لما كسر الأصنام وأرسل خالدا إلى الات وغير ذلك.
إلى غير ذلك من المعجزات التي يرجع إليها في مظانها في كتب السيرة.
صفحة ١٤
والإيمان قول، وعمل، ونية، يزيد بالطاعة , وينقص بالمعصية , وكل مؤمن مسلم , وليس كل مسلم مؤمنا. وإذا سئل العبد عن الإيمان ,أمؤمن أنت أم مسلم، فليقل: أمنت بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله , أو يقول مؤمن إن شاء الله , والتصديق هو أن يصدق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وجميع ما جاءت به الرسل صلوات الله عليهم أجمعين.
ويولده العمل، والقيام بما وردت به الشريعة من قول، وفعل ,
والإسلام مبنى على خمسة أركان , ليس لها سادس، فإذا رأيت أحدا يقول مبني على ستة فأعلم أنه مبتدع، بل هو خمس، شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول صلى الله عليه وسلم , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت من استطاع / إليه سبيلا. (¬1)
(8) - المسألة الثامنة:
مسألة الأيمان: تكلم فيها عن أصول أهل السنة في هذه المسألة وأولها:
الإيمان قول، وعمل، ونية، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهذه المسألة مهمة، إذ إن هذه المسألة تتضمن أصلين كبيرين:
المسألة الأول: - مسألة الإيمان والدين.
والثانية: - مسألة الوعد والوعيد، وأحوال الناس في الآخرة.
أما المسالة الأولى وهى الإيمان والدين:
ففيها يتكلم أهل السنة عن تلك الألفاظ التي ورد بها الكتاب، والسنة، من المؤمن، والكافر، والفاسق والظالم، والعاصي.
صفحة ١٥
........................................................................ .................
مخطط هيكليوتفصيل المسألة كالتالي:
صفحة ١٦
وهذا بيانها:
1 - الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص , وهو على النحو التالي:
قول القلب: وهو اعتقاده، وتصديقه، ومعرفته بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
قول اللسان: وهو نطقه بالشهادتين.
عمل القلب: وهو الإخلاص، والحب، والخوف، والرجاء، والذل، والانقياد، والتوكل والشكر، والصبر، والشوق، ونحو ذلك.
عمل اللسان والجوارح: من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وجهاد، وبر، وصلة، وإحسان إلى الخلق، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر.
وزيادة قول القلب بالكمية: كلما علم الإنسان شيئا من الشرع فصدق بما لم يكن يعلمه ولا يصدق به.
وزيادة قول القلب بالكيفية: بزيادة اليقين بتظاهر الأدلة، قال تعالى: (أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) (¬1).
وزيادة قول اللسان: في الشهادتين في حق من بلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فشهد له بالرسالة بلسانه، فهو أكمل إيمانا ممن لم يبلغه خبره؛ فنطق بلا إله إلا الله فقط.
وكذا في كل تفصيل يبلغ العبد من الشرع فيقر به بلسانه يزداد به إيمانا، قال تعالى:
صفحة ١٧
(قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) (¬2) ... (¬3) ........................................................................ ..................
أما المسألة الثانية: -
وهي الوعد، والوعيد، وأحوال الناس في الآخرة.
فنقول: أجملها أهل السنة في أصول، أهمها كالتالي : -
1 - من مات على التوحيد دخل الجنة - يوما من الدهر، أصابه قبل ذلك اليوم ما أصابه.
2 - من مات على الشرك بعد بلوغ الرسالة فهو مخلد في النار أبدا.
3 - المسلم الذي يرتكب الكبائر ويصر عليها أي: لا يتوب منها لا يكفر بفعلها، ولا يخلد في النار لو دخلها في الآخرة ما لم يستحلها.
4 - من رجحت حسناته على سيئاته بواحدة دخل الجنة لأول وهلة ومن تساوت حسناته وسيئاته فهو من أصحاب الأعراف، ومآله إلى الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته بواحدة استحق دخول النار.
5 - من استحق دخول النار من عصاة الموحدين، فهو تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وان شاء غفر له (¬1).
ومن ضمن المسائل التي تناولها المصنف في هذه المسألة أيضا: دخول الأعمال تحت مسمى الإيمان، والتفريق بين لفظتي الإسلام والإيمان، وهاتان اللفظتان إذا اجتمعتا افترقتا، وإذا افترقتا اجتمعتا.
فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة في حالة الاجتماع كما في حديث جبريل، وإذا افترقتا تناوب المعنى معا.
ومن ضمن هذه المسائل أيضا ..
مسألة الاستثناء في الإيمان، وقد أفرد لها كثير من المصنفين من علماء السلف أبوابا في كتبهم، وأطالوا في ذكر أدلة الفريقين بما لا طائل من ذكره الآن.
ومن أراد التفصيل فليرجع إلى تلك المظان، كفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني.
صفحة ١٨
........................................................................ ..................
ومن ضمن المسائل أيضا: -
مسألة مباني الإسلام الأربعة، وهي أركان الإسلام، والاختلاف فيها بين أهل السنة مشهور، ومعلوم؛ حيث إن منهم من يجعلها ركنا من أركان الإيمان، بمعنى أن من تركها فهو (كافر) خارج من ملة الإسلام، وجمهورهم على أنها شرط في كمال الإيمان، وليست في أصله، وهى من مسائل الخلاف السائغ. (¬1)
وأشهر تلك المسائل: -
صفحة ١٩
الخلاف في كفر تارك الصلاة. وبسطها يتطلب مساحة واسعة، وليس هذا مجالها. (¬2) والقرءان كلام الله تبارك وتعالى , منزل غير مخلوق، ولا خالق، منه بدأ، وإليه يعود , لا حادث، ولا محدث , كيف ما قريء، وتلي , وكتب وحفظ , وكيف ما تصرف؛ فهو كلام الله عز وجل على الحقيقة. (9)
(9) - المسألة التاسعة: - (القرءان كلام الله)
مرت من قبل، راجع ص 13.
صفحة ٢٠
وآيات الصفات , وأحاديث الصفات تمر كما جاءت من غير تأويل، ولا
تكييف , نؤمن بها، ونكل علمها إلى قائلها. (10)
(10) - المسألة العاشرة: - (الأسماء والصفات)
مرت من قبل، راجع ص 7.
صفحة ٢١
ونعلم أن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه
الأمة، أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، من المهاجرين، والأنصار، وأفضلهم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة , وهم: أبو بكر , وعمر , وعثمان وعلي , وطلحة , والزبير , وسعد , وسعيد , وعبد الرحمن بن عوف , وأبو عبيدة بن الجراح , رضي الله عنهم أجمعين. وأفضل هذه العشرة , أبو بكر ,وعمر , وعثمان , وعلي ,وأفضل الأربعة , أبو بكر , ثم عمر، ثم عثمان , ثم علي. وأجمعت أصحابه على أن كل واحد من هؤلاء الأربعة , كان أحق الناس بالخلافة زمن ولايته , ونعترف لمن سواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفضل, على قدر منازلهم ممن وردت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم منقبة، عرفنا ذلك له , ونعترف بفضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعظيم لهم , ونترحم على أمهات المؤمنين، ونعترف بفضلهن , ونترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين , ونستغفر لهم، والتابعين بعدهم بإحسان , ونذكر محاسنهم، وفضائلهم، ونمسك عما شجر بينهم. (11)
(11) المسألة الحادية عشر: -
تكلم فيها المصنف رحمة الله تعالى عليه، عن العقيدة في الصحابة، رضي الله عنهم، وهي من أهم القضايا، فهذه المسألة هي من المسائل المهمة التي تدخل ضمن مسائل الإيمان بالله، والإيمان بالرسل، والكتب واليوم الأخر. فدخولها في الإيمان بالله من باب كونها ضمن المسائل التي أمر الله بالإيمان بها، والإيمان بالرسل؛ لأن الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ يقتضى حب أصحابه الذين نهى عن سبهم، وأمر بموالاتهم، وتدخل في الإيمان بالكتب؛ لأن القرءان أوصانا بهم، ونهانا عن ذمهم، وتدخل في الإيمان باليوم الأخر، من باب أنهم أهل الجنة، المشهود لهم بذلك.
فوجب الإيمان بدخولهم لها، وهذا من الإيمان باليوم الآخر.
صفحة ٢٢
........................................................................ .................
ومن أهميتها أيضا أنه لا بد لصلاح المسلمين من رأس، كما يقول شيخ الإسلام -رحمة الله عليه - يقود الأمة:
" يجب أن يعرف أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع؛ لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم {إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم}، رواه أبو داود، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة. وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو، أن النبي قال: {لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم} فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله - تعالى - أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة. وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج والجمع، والأعياد، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة، والإمارة، ولهذا روي: {أن السلطان ظل الله في الأرض} ويقال: " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان " (¬1).
فلذا وجب إقامة الأئمة، والخلفاء، ومعرفة من أحق الناس بذلك، وفي هذه المسألة أصول مهمة نجملها كالتالي:
1 - الأصل الأول: -
يجب على كل مسلم حب الصحابة، وتوليهم، ومعرفة فضلهم، خصوصا أفضلهم أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم باقي العشرة المباشرين بالجنة، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان.
ومن أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وكذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان، وأنهن أزواجه في الجنة، وحب آل البيت، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم، والحذر كل الحذر ممن سب الصحابة، أو قال: إنهم ارتدوا إلا ستة كما يقول الشيعة، وكما يقول الخميني الهالك قبحه لله: -
صفحة ٢٣