قال: «ولماذا تقولين لى هذا الآن كأنه يمكن أن يغير شيئا؟»
ولم يزد منها قربا أو بعدا، ولكنها أحست أنه متربص للوثبة وقالت: «نعم يغير أشياء».
قال: «هذا وهم منك، وإنك لتخدعين نفسك، ولكنك لا تخدعيننى. لقد نفذ صبرى، فانا آخذ عنوة ما لا يؤخذ صبرا».
قالت ساخرة: «وتسمى هذا حبا؟»
قال: «سميه ما شئت فلست فيلسوفا كصاحبك. كل ما أعرفه أن أنوى أن أجعل من هذا التمثال امرأة من لحم ودم. إن لم أستطع أن أصعد إلى الذروة التى تقعدين فوقها، فعليك أن تنزلى إلى حضيضى ليمكن أن تكونى آدمية حية».
وسمعا العامل يناديهما من بعيد فارتدا إليه.
3
وكانت ميمى وهى راجعة مع صادق إلى حيث العامل والسيارة، تدير عينها فى هذه الصحراء المتقاذفة، وفى الشمس التى أخذت تميل، وتطيل الظلال، وفى هذا القريب الذى تخشى أن تعصف بها ثورة نفسه، وهياج حرقاته، وما تعلم ويعلم من قلة النصير، وفيما يحسن أن تصنع لتخرج من هذا المأزق بغير ضجة، وتؤنب نفسها على مطاوعتها له وثقتها به، ولا تبخل باللوم على إبراهيم؛ لأنه هو الذى أغراها بالاطمئنان إلى هذا الفتى الأحمق ودعاها إلى إيلائه الثقة التى تبينت الان أنه لا يستحقها، ومع ذلك كانت تتمنى لو تيسر لها أن تتصل بإبراهيم لتستشيره.
وسمعت صادقا يقولى لها بصوت امتزجت فيه الرقة بالعنف: «ماذا جرى؟ إنك كنت تحبيننى».
وسمعت نفسها تقول وكأن الصوت غير صوتها: «أنا ما أحببتك قط. إنما كنت لك صديقا».
صفحة غير معروفة