وارتكاب الديون إياي في ظل
ك يهجوك باللسان الفصيح
ففي هذه الديون ضاع عقاره واستبد به دائنوه.
ومثل ابن الرومي لا يستغرب منه أن يسرف ويستدين، وإنما يستغرب منه أن يقصد في نفقته، ويعتدل في تصرفه، فهو إما مضياع متلاف وإما شحيح مقتر، حسبما يتعاوره من المغريات بالإنفاق وهواجس الخوف من الفاقة. وقد كان هو مضياعا متلافا، وشحيحا مقترا في نوبات لا يدرى لها سبب، ولا يضبط لها ضابط، فكان مضياعا متلافا على الكره منه، وشحيحا مقترا على الكره منه كذاك، وكثيرا ما أنحى على نفسه باللوم لحرصه وضعف إيمانه، وشكاها إلى الله كأنما يغالبه على الحرص مغالب شديد المراس كما قال:
إلى الله أشكو شح نفسي لأنني
أرى الجود لي حظا وشيمتي البخل
وقد كان حق الجود بذل ذخائري
إلى أن يراني الله يعوزني الأكل
ولكن نفسي آثرت نبل مالها
وما حيث نبل المال ما يوجد النبل
صفحة غير معروفة