وابراهيم بن المهدى ، فاحملهم أجمعين موثقين إلى عسكر أمير المؤمنين مع من يقوم بحفظهم ، وحراستهم فى طريقهم، حتى يؤديهم إلى عسكر أمير المؤمنين، ويسلمهم إلى من يؤمر بتسليمهم إليه، لينصهم أمير المؤمنين، فإن لم يرجعوا ويتوبوا حملهم جميعا على السيف إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله.
وقد أ نفذ أمير المؤمنين كتابه هذا فى خريطة بندارية ، ولم ينظربه اجتماع الكتب الخرائطية معجلا به، تقربا إلى الله عز وجل بما أصدر من الحكم، ورجاء ما اعتمد، وإدراك ما أمل ، من جزيل ثواب الله عليه ، فأنفذ لما أتاك من أمير المؤمنين ، ومجل إجابة أمير المؤمنين بما يكون منك فى خريطة بندارية مفردة عن سائر الخرائط، لتعرف أمير المؤمنين ما يعملونه، إن شاء الله . وكتب سنة ٢١٨ هـ.
٥٤ - هذه هى الكتب ، وهل نترك المأمون ، وصنيعه ، وإلحافه فى الاختبار، ثم تدرجه من الامتحان إلى الايذاء والاهانة ، ونقل العلماء فى مهارة وذلة مغلولين مقيدين، يثقلهم الحديد، حتى يموت شهيدا فى الطريق من يضعف جسمه عن الاحتمال، وبقى أحمد؛ إذ فى جسمه قوة، وفى نفسه عزيمة ، وفى قلبه إيمان؛ وفيه صبر وجلد، ثم وصيته بعد ذلك باستمرار الأذى - هل نتركه من غير أن نتعرف الحامل عليه ، والباعث له على أن يركب ذلك المركب الصعب؟ لا بد من تعرف سبب ذلك ، حتى نعذر إليه ، ولقد أنصف التاريخ أحمد، ورفعه إلى مرتبة الأبدال بل أندفع فى المغالاة بعض مريديه، فجعلوه من القديسين، وقال قائلهم: ((لو كان فى بنى اسرائيل لكان نبيا)).
٥٥ - ولا نجد السبب الذى دفع المأمون مستورا، حتى نكشفه، ولا مبهما ، حتى نبينه ، بل إن التاريخ ذكره، والكتب التى نقلناها لك، والملابسات التى أحاطتها، ولغة كتابها تدل على الباعث، وعلى من حرضه، حتى تحمل كبر هذا الأذى .
إن المأمون قد استوزر أحمد بن أبي دؤاد المعتزلى ، وجعله كاتبه ، وصاحب السلطان فى دولته ، وكانت له منزلة فى نفسه، حتى أوصى أخاه من بعده أن يجعله فى منصبه، لا يبعده، والكتب التى كتبت واضح تماماً أنها بلغة أحمد بن أبى دؤاد ،
59