54

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

القضاة، وأشرف عليهم إشرافا يزيد الله به ذا البصيرة في بصيرته، ويمنع المرتاب من إغفال دينه، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون منك في ذلك إن شاء الله.

٥٢- هذان هما الكتابان الرسميان اللذان صدرت عنهما المحنة، وقد أخذ إسحاق بن إبراهيم في الامتحان عقب وصول الكتاب الأول، وتم الامتحان عقب صدور الكتاب الثاني، ويحسن أن نبين كيف كانت الإجابة ثم تعليق المأمون أو بعبارة أدق أحمد بن أبي دؤاد عليها، ثم نبين المحنة المادية بعد ذلك.

٥٣- أحضر إسحاق للامتحان جماعة من الفقهاء، والحكام، والمحدثين، فأحضر أبا حسان الزيادي، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن أبي مقاتل بن غانم، والذيال بن الهيثم، وسجادة، والقواريري، وأحمد بن حنبل، وقتيبة، وسعدويه الواسطي، وعلي بن الجعد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وابن الهرش، وابن علية الأكبر، ويحيى بن عبد الرحمن العمري، وشيخا آخر من ولد عمر بن الخطاب كان قاضي الرقة، وأبا نصر التمار، وأبا معمر القطيعي، ومحمد بن حاتم بن ميمون، ومحمد بن نوح، وابن الفرخان، وجماعة منهم النضر بن شميل، وابن علي بن عاصم، وأبو العوام البزاز، وابن شجاع، وعبد الرحمن بن إسحاق، فأدخلوا جميعا على إسحاق وابتدأ الامتحان بقراءة كتاب المأمون هذا عليهم مرتين، حتى فهموه، ثم أخذ في إلقاء الأسئلة

قال لبشر بن الوليد: ما تقول في القرآن؟ فقال قد عرفت مقالتي لأمير المؤمنين غير مرة. قال: فقد تجدد من كتاب أمير المؤمنين ما قد ترى. فقال: أقول القرآن كلام الله. قال لم أسألك عن هذا أمخلوق هو؟ قال الله خالق كل شيء. قال القرآن شيء؟ قال هو شيء. قال فمخلوق؟ قال ليس بخالق. قال ليس أسألك عن هذا، أمخلوق هو؟ قال ما أحسن غير ما قلت لك.. وقد استعهدت أمير المؤمنين ألا أتكلم فيه، وليس عندي غير ما قلت لك.

فأخذ إسحاق بن إبراهيم رقعة كانت بين يديه، فقرأها عليه، ووقفه عليها فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، أحد فرد، لم يكن قبله شيء، ولا بعده شيء ولا يشبهه شيء

53