حصول المأمول بشرح مختصر الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
الناشر
نادي المدينة المنورة الأدبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
تصانيف
وهذه الرواية مع كونها مخرجة في البخاري إلا أنها ضعيفة الإسناد منكرة المتن، لأسباب منها:
أولًا: أن إسنادها منقطع، فلم يذكرها البخاري بإسناد متصل، وإنما ذكرها بلاغًا من كلام الزهري، وذلك في قوله: «فيما بلغنا». ولعل البخاري إنما ذكرها لينبّه على ضعفها وأنه ليس لها إسناد متصل.
ثانيًا: أن محاولة النبي ﷺ قتل نفسه لمجرد انقطاع الوحي عنه مدة هذا يتنافى مع عصمته ﷺ، ويتنافى مع ما عرف عنه من رباطة الجأش وقوة النفس. وقد مرّ عليه في مسيرة دعوته شدائد وأهوال آلمته وأحزنته لكنه لم يفكر بمثل هذا قط.
ثالثًا: زعمُ الراوي أنه ﷺ كان يريد التردّي من فوق رؤوس الجبال زعمٌ باطلٌ، لأنه مبني على الظن والتخمين، فكيف عَلِمَ الراوي مقصد النبي ﷺ؟
ولِمَ لا يقال إنه ﷺ كان يصعد رؤوس الجبال بحثًا عن جبريل ﵇ وليس لقصد التردي وقتل نفسه كما حسب الراوي (^١)!!
وأما تعليل المصنف بأن النبي ﷺ كان يفعل ذلك بسبب شوقه لحلاوة الوحي ففيه نظر؛ أولًا: لأنه مخالف لتعليل رواية الزهري التي اعتمد عليها، والتي تقول أن ذلك كان بسبب الهم والحزن وليس بسبب الحلاوة والشوق.
وثانيًا: فلأن الإنسان إنما يفكر بقتل نفسه بسبب ما قد يصيبه من الهم والحزن وليس بسبب ما يجده من شوق وحلاوة!!
_________
(^١) أطال العلامة محمد الصادق العرجون في نقد هذه الرواية ومناقشتها سندًا ومتنًا في كتابه: محمد رسول الله ﷺ ١/ ٣٨٥.
1 / 46