الذل والانكسار للعزيز الجبار
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، يَا عَائِشَةُ لَا تَرُدِّي المِسْكِينَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَا عَائِشَةُ أَحِبِّي المَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وقال أبو ذر: "أَوْصَانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ أُحِبَّ الْمَسَاكِينَ وَأَنْ أَدْنُوَا مِنْهُمْ". خرجه الإمام أحمد (١) وغيره.
وفي حديث معاذ ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال في قصة المنام: "أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ" وذكر الحديث (٢).
والمراد بالمساكين في هذه الأحاديث ونحوها: من كان قلبه مستكنًّا لله خاضعًا له خاشعًا، وظاهره كذلك.
وأكثر ما يوجد ذلك مع الفقر من المال؛ لأنّ المال يطغي.
وحديث أنس ﵁ يشهد بهذا إلا أن إسناده ضعيف.
وخرج النسائي (٣) من حديث أبي ذر ﵁ أن النبي ﷺ قال: "إِنَّ الفقر فقر النفس، والغنى غنى القلب".
وفي "الصحيح" (٤) عن النبي ﷺ قال: "إِنَّمَا الغِنَى غِنَى النَّفْسِ".
ولهذا قال الإمام أحمد وابن عيينة وابن وهب وجماعة من الأئمة: إِنَّ الفقر الَّذِي استعاذ منه النبي ﷺ هو فقر النفس، فمن استكان قلبه لله ﷿ وخشع له، فهو مسكين وإن كان غنيًّا من المال؛ لأنّ استكانة القلب لا تنفك عن استكانة الجوارح، ومن خشع ظاهره واستكان وقلبه ليس بخاشع ولا مستكين فهو جبار.
_________
(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٥٩، ١٧٣)، والنسائي في "الكبرى" (٦/ ٩٦).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٢٤٣)، والترمذي (٣٢٣٥) من حديث معاذ بن جبل. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (٩/ ١٥٧).
(٤) البخاري (٦٤٤٦)، ومسلم (١٠٥١).
1 / 309