الذل والانكسار للعزيز الجبار
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وبإسناده عن أبي صالح السمان رحمه الله تعالى قال: يبعث الناس يوم القيامة هكذا ووضع إحدى يديه عَلَى الأخرى.
وملاحظة هذا المعنى في الصلاة يوجب للمصلي أن يتذكر وقوفه بين يدي الله تعالى للحساب.
وكان ذو النون وحمه الله تعالى يقول في وصف العباد: لو رأيت أحدهم وقد قام إِلَى صلاته فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده، خطر على قلبه أن ذلك المقام هو المقام الَّذِي يقوم الناس فيه لرب العالمين فانخلع قلبه وذهل عقله، خرجه أبو نعيم رحمه الله تعالى.
ومن ذلك إقباله عَلَى الله ﷿ وعدم التفاته إِلَى غيره، وهو نوعان:
أحدهما: عدم التفات قلبه إِلَى غير ما هو مناج له، وتفريغ القلب للرب ﷿.
وفي "صحيح مسلم" (١) عن عمرو بن عبسة ﵁، عن النبي ﷺ أنه ذكر فضل الوضوء وثوابه: ثم قال: "فَإِنْ هُوَ قَامَ وَصَلَّى فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ أَهْلَهُ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".
والثاني: عدم الالتفات بالبصر يمينًا وشمالًا، وقصر النظر عَلَى موضع السجود وهو من لوازم خشوع القلب وعدم التفاته، ولهذا رأى بعض السلف مصليًا يعبث في صلاته فَقَالَ: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه، وقد سبق ذكره.
وخرج الطبراني (٢) من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة ﵁ قال: "كَانَ النَّبِيَّ ﷺ يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ أَنْزَل اللهُ ﷿:
_________
(١) برقم (٨٣٢).
(٢) ذكره الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٨٠) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وقال: تفرد به حبرة بن نجم الإسكندراني، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات.
1 / 302