<71> قال الحبر: أفيقاس على من يدقق هذا التدقيق أنه يجهل من الפסוק ما ندريه نحن؟
<72> قال الخزري: ذلك محال بل الأمر على أحد وجهين إما أنا نحن لا ندري طرق تفسيرهم للתורה، وإما الذين يفسرون الהלכה ليسوا هم المفسرين للתורה. وهذا الوجه الثاني محال وقليلا ما نرى لهم تفسير פסוק يطابق القياس وظاهر اللفظ كما أنا لا نرى لهم تفسير הלכה إلا في غاية المطابقة للقياس.
<73> قال الحبر: لكن نقول أحد أمرين إما أن لهم أسرار خفيت عنا في طرق تفسير الתורה كانت عندهم نقلا في استعمال שלש עשרה מדות. وإما أن غلبهم للפסוקים طريق الأسناد المسماة عندخم אסמכתא يجعلونها علامة لنقلهم كما جعلوا ויצו ה' אלהים על האדם לאמר מכל עץ הגן אכל תאכל علامة على שבע מצות שנצטוו בני נח - ויצו אלו הדינין، ה' זה ברכת השם، אלהים זו עבודה זרה، על האדם זו שפיכות דמים، לאמר זה גילוי עריות، מכל עץ הגן זה גזל، אכל תאכל זה אבר מן החי. ما أبعد ما بين هذه الغراض وهذا الפסוק، لكن عند القوم نقل هذه الשבע מצות وعلقوها بهذا الפסוק كالסימן تسهيلا لحفظها. وعسى الوجهين عندهم في تفسير الפסוקים أو ثم وجوه غابت وتقليدهم واجب مذ صح علمهم ودينهم واجتهادهم وجمهورهم العظيم الذي لا يجوز فيه التواطؤ فلا نرتاب بقولهم وإنما نرتاب بأفهامنا كما نفعل في الתורה وما ينطوي فيها من كلام لا تحتمله نفوسنا ولا ريب عندنا في شيء منه، وننسب التقصير إلى أنفسنا.
وأما الהגדות فمنها استعمال توطئة ومقدمة لغرض يريدون تأكيده وتأييده مثل אמרו כשירד רבון העולמים למצרים، لتأكيد الإيمان بأن יציאת מצרים إنما كانت قصدا من الله، لا باتفاق ولا بوسائط من حيل الناس وروحانيات كواكب وملائكة وجن وكل ما يختلج بالبال المفكر، بل بأمره تعالى وحده. فقالوا على طريق ما يقولون כביכול. يعنون بعد أن يتفق كذا وكذا لكان كذا وكذا، وعلى أن هذا ليس في التلمود ولا يوجد إلا في بعض الסדורין لكن مع هذا متى وجدت مثله فإلى هذا ينحو كما قال מיכיהו لאחאב: ראיתי את ה' יושב על כסאו וגו' ויאמר ה' מי יפתה את אחאב וגו' ויצא רוח וגו'. وسائر القول ولم يكن في الحقيقة أكثر من قوله הנה נתן ה' רוח שקר בפי כל נביאיך אלה وغير ذلك مقدمة وتوطئة خطابية موثقة مؤكدة لهذا القول أنه حق. ومنها أوصاف من مشاهدات روحانيات رأوها ليس بمستغرب على أولئك الفضلاء أن يروا صورا منها خيالية لعظيم تفردهم وأصفاء أذهانهم. ومنها صور لها حقيقة من خارج كما رآها الأنبياء. وكذلك בת קול التي صحبتهم في בית שני درجة دون الחזון والקול. فلا يستبعد قول ר' ישמעאל שמעתי בת קול שמנהמת כיונה وغير ذلك، إذ تبين من مشهد משה وאליהו ע"ה ما يجعل هذا من الممكن، فإذا جاء به الخبر الصادق وجب قبوله. فيأول في قوله אוי לי שחרבתי את ביתי ما يأول في וינחם ה' ויתעצב אל לבו. ومنها ما هي أمثال مضروبة على أسرار علوم منع كشفها إذ لا منفعة فيها للجمهور وهي معرضة للبحث والتفحيش للأفراد وظفر بها من استحقها واحد في عصر أو في أعصار. ومنها محالية الظاهر ويتبين غرضها بأيسر نظر مثل قولهم שבעה דברים נבראו קודם לעולם: גן עדן ותורה וצדיקים וישראל וכסא הכבוד וירושלים ומשיח בן דוד، نظيرا لقول العلماء أول الفكرة آخر العمل. فلما كان قصد الحكمة في خلقة الدنيا الתורה التي هي جسد الحكمة وحملتها هم الצדיקים وبينهم يحل כסא הכבוד، والצדיקים بالحقيقة لا يكونون إلا من صفوة وهم ישראל ولا يليق بهم إلا أخص المواضع وهي ירושלים، ولا ينظمهم إلا أشرف الناس وهو משיח בן דוד، ومالهم ومسيرهم إلى גן עדן، وجب أن توضع هذه مخلوقة بالقوة قبل العالم. ومن المحالية الظاهر أيضا ما ذكر من עשרה דברים נבראו בין השמשות פי הארץ ופי הבאר ופי האתון וגו' للتوفيق بين الشريعة والطبيعة إذ الطبيعة تقول بالعادة والشريعة تقول بخرق العادة. والتوفيق بينهما أن العادات التي انخرقت إنما هي بالطبيعة. لأنها في الإرادة القديمة مشروطة بها مبنية عليها מששת ימי בראשית، ولست أنكرك يا ملك الخزر أن يكون في التلمود أمور ليس أقدر على أقنعك فيها ولا على ضمها إلى مضمار. وهي التي ضمها التلمود اجتهاد التلامذة لما كان عندهم أن אפילו שיחת חכמים צריכה תלמוד. وما كان يتحرون ألا يقولوا إلا ما سمعوه من أستاذيهم مع اجتهادهم أن يرووا كل ما سمعوه من أستاذيهم ويتحرون في ذلك لفظهم بعينه وربما لم يفهموا معناها فقالوا أن هكذا روينا وسمعنا. وربما كان للأستاذ في ذلك أغراض خفيت عن تلاميذه فوصل الأمر إلينا فاستخففنا به لما لم ندر غرضه. ولكن جميع هذا في ما لا يحل ولا يحرم فلا نبالي به ولا يخل في التأليف مع الوجوه التي ذكرنا.
<74> قال الخزري: لقد طيبت نفسي ومكنت إيماني بالنقل وأريد الآن أن تعرض لي ذوقا من علومكم بعد أن تزيدني بيانا في أسماء الله تعالى وتوسع لي في ذلك قليلا بعون الله.
المقالة الرابعة
<1> قال الحبر: אלהים صفة لمالك أمر ما وحاكمه وقد يكون في الكل إذا أريد به مالك العالم بأسره. وقد يكون في الجزء إذا أريد به قوة من قوى الفلك أو طبيعة من الطبائع أو حاكم من الناس. وإنما أنبني هذا الاسم على الجمع من شائع الاستعمال الجاري بين الأمم الذين كانو يتخذون أصناما يعتقدون كل واحد منها عندهم إله، فسيمون الجملة אלהים ويحلفون بها وكأنها حاكمة عليهم، فهي متكثرة بتكثر القوى المدبرة للبدن والقوى المدبرة للعالم، فإن القوى كناية عن أسباب الحركات، فإن كل حركة فعن قوة غير قوة الحركة الأخرى. فإن فلك الشمس وفلك القمر ليس يجريان بقوة واحدة لكن بقوى مختلفة، ولم يلتفتوا إلى القوة الأولى التي عنها صدرت جميع هذه القوى، أما لأنهم لم يقروا بها، وأدعوا أن جماعة هذه القوى هي المكني عنها بإله، وأن النفس أيضا إنما هي جماعة القوى المدبرة للبدن. وإما أقروا بالله لكنهم استبعدوا الانتفاع بعبادته وزعموا أنه أنزه وأرفع من أن يعرفنا فضلا عن أن يعني بنا - تعالى الله عن قولهم - فصاروا لا يعبدون أمرا واحدا لكن كثيرا يسمونها אלהים، جملة تعم الأسباب دون تفصيل. والتحرير والتفصيل إنما هو في الاسم المكتوب بיוד הא ואו הא יתברך ויתרומם. فهو اسم علم مشار إليه بالصفات لا بالمكان، بعد أن كان مجهولا أن كان يسمى אלהים على العموم فسمي ה' على الخصوص. كان سائلا سأل أي אלהים هو الذي ينبغي أن يعبد: الشمس أو القمر أو السماء أو البروج أو أحد الكواكب أو النار أو الهواء أو الملائكة الروحانيون أو غير ذلك، فإن لكل واحد منها تأثيرا وحكما، وكل واحد منها سبب في الكون والفساد. فيكون الجواب ה' كقولك فلان اسم علم مثل ראובן وשמעון بعد أن يفهم من لفظ ראובן وשמעון حقيقة ذواتهما.
<2> قال الخزري: وكيف أشخص من لا إشارة إليه لكن استدل عليه من آثاره؟
<3> قال الحبر: بل يشار إليه بالمشاهدة النبوية وبالبصيرة، لأن الاستدلال مضلل، ومن الاستدلال تحدث الزندقة والمذاهب الفاسدة. وكان الثنويه أداهم إلى القول بسببين قديمين إلا الاستدلال. وكان الدهرية أداهم إلى القول بقدم الفلك وأنه سبب نفسه وسبب غيره إلا الاستدلال. وكذلك عباد النار وعباد الشمس الاستدلال أداهم إلى ذلك، لكن طرق الاستدلال أداهم اختلفت، فمنها مستقصاه ومنها مقصرة واحفلها استقصاء الفلاسفة. وطرق الاستدلال أدتهم إلى القول برب لا يضرنا ولا ينفعنا ولا يدري صلواتنا وقرابيننا ولا طاعتنا ولا عصياننا، وأن العالم قديم كقدمه، فليس عند واحد منهم اسم علم لله مشار إليه، لكن عند من سمع خطابه وأمره ونهيه، وثوابه عند الطاعة وعقابه عند المعصية فهو يسميه باسم علم كناية عن ذلك الذي خطابه وحقق عنده أنه خالق العالم بعد عدمه، فأولهم آدم ما كان ليدري الله أولا خطابه وثوابه وعقابه واختراعه له חוה من ضلع من أضلاعه، فتحقق أن ذلك هو خالق العالم، وأشار إليه بالقول والصفات وسماه ה'. ولولا هذا لبقي على اسم אלהים لا يتحقق ما هو هل واحد أم اكثر. هل هو عالم بالجزئيات أم لا. ثم קין وהבל إنما عرفاه بعد تقليدهما لأبيهما بالمشاهدة النبوية. ثم נח. ثم אברהם وיצחק وיעקב إلى משה. ومن بعده الأنبياء فسموه هم ה' بمشاهدتهم. وسماه القوم المقلدون لهم بتقليدهم لهم ה'. من حيث يتصل أمره وتدبره بالناس. ويتصل الأصفياء من الناس به حتى يشاهدونه بواسطة ما يتسمى כבוד وשכינה وמלכות وאש وענן وצלם وתמונה وמראה הקשת وغير ذلك مما يدلهم أنهم مخاطبون من عنده تعالى فيسمون ذلك כבוד ה'. وربما سموه ה' وربما سموا الארון ה'، كقول קומה ה' عند القيام، وשובה ה' عند النزول. وעלה אלהים בתרועה ה' בקול שופר، وهم يريدون ארון ה'. وربما سموا النسبة التي بين ישראל وبينه والإضافة ה'، وفي ذلك قيل הלא משנאיך ה' אשנא. ואויבי ה' يريدون עם ה'، أو ברית ה'، أو תורת ה'، إذ لا إضافة بينه وبين ملة من الملل. إذ إنما يفيض نوره على الصفوة فهم مقبولون منه وهو مقبول منهم. وبذلك يتسمى هو אלהי ישראל ويتسمون هم עם ה' وעם אלהי אברהם. وهب أن بعض الملل قد اتبعوه وعبدوه سماعا وتقليدا، أين قبوله هو لهم واتصاله بهم ورضاه عن طاعتهم وسخطه لعصيانهم، نراهم متروكين مع الطبيعة والاتفاق، يسعدون وينحسون بحسبهما لا بأمر يتحقق أنه بأمر الهي وحده. وكذلك خصصنا بقوله ה' בדד ינחנו ואין עמו אל נכר. فصار هذا الاسم خاصا بنا إذ لا يعرفه حق معرفته غيرنا، وهو اسم علم لا يحتمل הא المعرفة كما تزاد على אלהים فيقال האלהים. وهذا الاسم من جملة الفضائل التي خصصنا بها وسره مستور. وأما فضيلة الحروف الخاصة به فهي الناطقة لأنها أحرف אהו"י التي هي علة ظهور جميع الحروف إذ لا ينطق بحرف من الحروف مهما لم تحضر قوة هذه، أعني الفتحة للألف والهاء، والضما للواو والكسر للياء، فهي كالأرواح. وسائر الحروف كالأجسام.
وأما יה فمثله. وأما אהיה فيشبه أن يكون من هذا الاسم، ويشبه أن يكون مشتقا من היה، أراد به صرف الأذهان عن الفكرة في حقيقة الذات الممتنعة معرفتها، فلما سأله ואמרו לי מה שמו أجابه قائلا ما بالهم يطلبون ما لم يمكنهم إدراكه، شبيها بقول الملاك למה זה תשאל לשמי והוא פלאי، لكن قل لهم אהיה، وتفسيره אשר אהיה. يعني الحاضر الذي أحضركم متى طلبتموني فلا يطلبوا أعظم دليلا من وجودي معهم، فليسموني هكذا، فقال אהיה שלחני אליכם. وقد تقدم وجعل برهانه لמשה مثل هذا بقوله כי אהיה עמך וזה לך האות، الآية أني مرسلك أني أحضرك في كل مكان، وتابعه بما يشاكل هذا بقوله אלהי אבותיכם אלהי אברהם אלהי יצחק ואלהי יעקב المشهورين بالأمر الإلهي معهم أبدا. وأما אלהי האלהים، فكناية عن كون جميع القوى الفاعلة مفتقرة إلى رب ينظمها ويصرفها. وאדני האדנים مرادف له.
صفحة غير معروفة