أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد المزكي بنيسابور، الإسناد إلى أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوما بلحم فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهش منها نهشة، ثم #520# قال: ((أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذاك؟ إن الله يجمع الناس يوم القيامة الأولين والآخرين على صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس منهم، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغتم؟ ألا تنظرون من يشفع إلى ربكم، فيقول بعض الناس: أبوكم آدم، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح! أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، سماك الله عبدا شكورا، ألا تشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه كان لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
فيأتون موسى فيقولون: يا موسى! أنت رسول الله، فضلك برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى.
فيأتون عيسى فيقولون: أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، كلمت الناس في المهد وكهلا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبا -نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد.
فيأتون فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، وما قد بلغنا.
فانطلق فآتي تحت العرش فأخر ساجدا لربي، ثم يفتح الله تعالى علي من الثناء، ويلهمني من محامده شيئا لم يفتحه على أحد من قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، سل تعط، اشفع تشفع.
فأرفع رأسي فأقول: أمتي أمتي أمتي! -ثلاث مرات- فيقال: يا محمد! أدخل الجنة من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب)). قال: ((والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، #523# أو كما بين مكة وبصرى)). مجمع على صحته وأخرجاه.
صفحة ٥١٩