إن الطبيعة تؤكد له أنك عاطفة جميلة وسامية. •••
والحب - كعاطفة سامية - جل أن يخفى ودق عن أن يرى. له كمون ككمون النار في الحجر، إن قدحته أوراك، وإن تركته توارى.
وهو كالسعال، لا يستطيع المرء إخفاءه؛ ذلك لأن روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وإن كتموها، وتظهر عليهم دلائلها وإن أخفوها، وتدل عليهم وإن ستروها.
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وكما أن الحب لا يخفى، فهو كذلك يدوم ويخلد. ويقول في ذلك بيرنز: «يكفي أن تنظر إليها لتحبها، فإذا ما أحببتها فإن حبك لها يجب أن يدوم إلى الأبد.» ويقول طاغور: «دع للموتى خلود الشهرة، وللأحياء خلود الحب.» ويرى شكسبير: «أن الحب لا يتغير بتغير ساعاته المحدودة، ولا أسابيعه، ولكنه يبقى حتى حافة القبر.» بينما يرى أوسكار وايلد: «أن الحب الوحيد الذي يدوم إلى الأبد هو حب الذات.»
ويحدثنا جبران خليل جبران عن خلود الحب حديثا طليا إذ يقول: «إن المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب، أما المحبة غير المتناهية فلا تطلب سوى ذاتها. المحبة التي تجئ بين يقظة الشباب ، وغفلته تستكفي باللقاء وتقنع بالوصل وتنمو بالقبلات، أما المحبة التي تولد في أحضان اللانهاية وتهبط مع أسرار الليل، فلا تقنع بغير الأبدية ولا تستكفي بغير الخلود، ولا تقف متهيبة أمام شيء سوى الألوهية.»
والرأي السليم أن الحب الصحيح يدوم بدوام العمر إلى ما بعد الموت، فمن الناس من فقدوا من يحبونهم فظلوا على ولائهم ينعمون بحبهم وهم في قبورهم.
وعلى أية حال، فمهما قيل عن خلود الحب في قلوب العاشقين، فهو لا يمكن أن يدوم إلا إذا اتفق مع المصلحة. فإذا تنافر الاثنان فعاقبة ذلك انكسار القلوب.
ولكن ما هي علاقة القلب بالحب؟ وهل القلب حقا بيت الحب؟ وهل لا ينبعث الحب إلا من القلب؟ ولا يقطن إلا في شغافه؟
صفحة غير معروفة