لا مراء في أن الحب هو السعادة الأرضية الزمانية، إذا صح أن في السماء سعادة أخرى يسمونها السعادة الأبدية.
وسعيد هو الفن الذي يعيش بين خلائق الفن المحيطة به، التي ترفع الإنسان إلى مستوى عال، وتكسبه شرفا صاعدا.
وسعيد من قامت قصور محبته على دعائم الفضيلة موشاة بالكمال ومسقوفة بالشرف.
وسعادة المرأة في رأي جبران خليل جبران، ليست بمجد الرجل وسؤدده، ولا بكرمه وحلمه، بل هي بالحب الذي يضم روحها إلى روحه، ويسكب عواطفها في كبده، ويجعلها معه عضوا واحدا في جسم الحياة الواحدة، وكلمة واحدة على شفتي الإله الواحد.
وما أصدق من قال: ليست سعادة المرء في جيبه، وإنما سعادته في قلبه. •••
يرى «موروا» أن الحب فن جميل، فيقول في ذلك: «مولد الحب كمولد الكائن الحي، فهو من عمل الطبيعة أولا وأخيرا، ويأتي عمل الإنسان فيه في المرحلة الثانية، وهذا ما نسميه بفن الحب.»
فهل الحب فن حقيقة؟ وهل للحياة - كما يقول البعض - نفحتان؛ حب الفن، وفن الحب؟ أم هل الحب عاطفة سامية؟
يقول جول دي كاستين: «قد يكون الحب قارورة الوضاعة والخسة واللؤم، ومع ذلك فهو لا يكون في نظر المحب إلا ملكا شريفا مقدسا. وتلك أجمل صفات هذه العاطفة السامية.»
ويحدثنا بيكنسفيلد عن الحب كعاطفة سامية فيقول: «ما هو ذلك المطمع الذي يرافقنا شبحه في دور الشباب، أو ما هي تلك الرغبة الشديدة في طلب السلطة، أو ما هي شهوة الشهرة التي ترغمنا على الخروج من النكرات إلى مصاف أعلام العالم - ما هي هذه العواطف التي تمثل السمو والقوة والشرف؟ إن كل هذه لتتلاشى في طرفة عين أمام نظرة سيدة. إن كل الأفكار والمشاعر والمطالب والرغائب والحياة تندمج في عاطفة واحدة، هي عاطفة الحب السامية.»
فيا أيها الحب! يا أيتها العاطفة السامية! عبثا يتفلسفون في معانيك، وعبثا يفحصون عاطفتك التي ترسل وحيا إلى القلوب، ويصوبون إلى مقاتل الحياة سهام البؤس المميتة من تحليلها المشين. فقد يعلن الفيلسوف أن غايتك الزهو والغرور، ولكن العاشق ينظر شزرا إلى فلسفته الباردة.
صفحة غير معروفة