حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة

ابن قدامة المقدسي ت. 620 هجري
18

حكاية المناظرة في القرآن مع بعض أهل البدعة

محقق

عبد الله يوسف الجديع

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٩

مكان النشر

الرياض

هَذِه السُّور قَالَ وَأَنا أَقُول إِن هَذَا قُرْآن وَلَكِن لَيْسَ هُوَ الْقُرْآن الْقَدِيم قلت وَلنَا قرآنان قَالَ نعم وَأي شَيْء يكون إِذا كَانَ لنا قرآنان ثمَّ غضب لما حكيت عَنهُ هَذَا القَوْل وَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابنَا أَنْتُم وُلَاة الْأَمر وأرباب الدولة فَمَا الَّذِي يمنعكم من إِظْهَار مَقَالَتَكُمْ لعامة النَّاس وَدُعَاء النَّاس إِلَى القَوْل بهَا بَينهم فبهت وَلم يجب إِلَيّ وَلَا نَعْرِف فِي أهل الْبدع طَائِفَة يكتمون مقالتهم وَلَا يتجاسرون على إظهارها الا الزَّنَادِقَة والأشعرية وَقد امْر الله تَعَالَى رَسُوله ﷺ بِإِظْهَار الدّين وَالدُّعَاء اليه وتبليغ مَا أنزل عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ الْمَائِدَة ٦٧ فَإِن كَانَت مقالتهم كَمَا يَزْعمُونَ هِيَ الْحق فَهَلا أظهروها ودعوا النَّاس إِلَيْهَا وَكَيف حل لَهُم كتمانها وإخفاؤها والتظاهر بِخِلَافِهَا وإيهام الْعَام اعْتِقَاد مَا سواهَا بل لَو كَانَت مقالتهم هِيَ الْحق الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله ﷺ وَأَصْحَابه وَالْأَئِمَّة الَّذين بعدهمْ كَيفَ لم يظهرها أحد مِنْهُم وَكَيف تواطأوا على كتمانها أم كَيفَ حل للنَّبِي ﷺ كتمانها عَن أمته وَقد أَمر بتبليغ مَا انْزِلْ إِلَيْهِ وتوعد على إخفاء سىء مِنْهُ بقوله ﴿وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته﴾ أم كَيفَ وَسعه ان يُوهم الْخلق خلاف الْحق ثمَّ هُوَ ﷺ اشفق على أمته من أَن يُعلمهُ الله حَقًا ويأمره بتبليغه إِلَى أمته فيكتمه عَنْهُم حَتَّى يضلوا عَنهُ ثمَّ إِذا كتمه فَمن الذى بلغه إِلَى الصَّحَابَة حَتَّى اعتقدوه ودانوا

1 / 35