فحرموا على أنفسكم في أيامكم القصيرة ومدة حياتكم اليسيرة ما
حرم الله، واتقوه بالانتهاء عن معاصيه وعظائمها وكبائرها التي عظم، فإنه لم يحرم سبحانه إلا خبيثا قبيحا، كتحريمه لحم الخنزير والميتة وحرم الدم المسفوح، فأي خبيث أو ممقوت منتن غثيث، أخبث من الميتة والدم المنتن المسفوح، وكذلك ما حرم من الخنزير لنتنه وقبحه، فهو أقبح من كل مقبوح، وقد عوض بتحريم لحم الخنزير والميتة والدم، إحلال ما لا يحصى من لحوم الطير والدواب والبهائم.
[وصيته عليه السلام في ترك الزنا]
وحرم سبحانه الزنا فإن الزنا يابني عند الله من أكبر الكبائر وأعظم الفحشاء، لما في ذلك من فساد الأنساب وخراب الدنيا، والدخل في الأولاد والأرحام، وبطلان ما حكم الله به في ذلك من الأحكام، فليس في الزنا إربة في شهوة إلا وفي النكاح أفضل منها، بل في الزنا أعظم المعصية في مواقعة الفاحشة العظمى الكبيرة التي أكد الله النهي عنها، وإنما يزني الزاني بمرأة من النساء قد أحل الله بالنكاح أجمل منها جمالا، وأفضل منها حالا، وأكمل فيما يتوق إليه الرجل من المرأة كمالا.
فلولم يحرم الله الزنا في كتبه جميعا، لكان في المعقول أنه لا يجوز ولا يحسن ولا يصلح في معقول جميع البشر كلهم معا أن يأتي فاسق ظالم متعد في حرمة غيره ما يكره أنه يؤتى إليه في امرأته وحرمته.
صفحة ٣٨