فاحذروا يابني، الحذر الحذر كل الحذر من أن تدخلوا أبدا على الحرم رجلا كان خصيا أو فحلا، قبيحا كان أو وضيا صبيحا، وكم عسى أن يتردد ويدخل ويحادث ويألف حتى لا يؤمن منه ما لا يخاف ولا يتوهم ولا يعرف، فإن عصم الله من يدخل عليه من النساء بالطهارة والخوف لله والتقوى، لم يؤمن إذا كثر دخول المماليك عليهن أن يظن بهن من السوء ما لم يكن فيهن ولا منهن، وأقل ما في دخول المماليك على النساء ما لا يجوز ولا يحتمله غيور من وقوع أبصار المماليك على محاسنهن وصور أبدانهن، وأن يصفوا لمن لا يدخل من شرار الناس صفتهن، وهذا مالا يحتمله أهل الغيرة والأنف، فمكروه فيما بقي من الدهور وسلف.
وتعرفوا يابني عند نسائكم وحرمكم بالغيرة والتغلظ والتشدد في الحجاب، وانهوهن عن كثرة القيام بالليل ورفع الأصوات، ومروهن بالتحجب والتستر وخفض الصوت، فإن في الغفلة عما حذرتكم ما خير به الموت، ولا تطمعوا أحدا من مماليككم وجيرانكم في التقرب من أبواب دوركم، ولا حيث يسمعون أصوات حرمكم، فإن هذا رأس السياسة للنساء حرائرهن والإماء، فمن تراخى في الحجاب وتقريب المماليك والأصحاب من بيوت الحرم وأبوابهن، لم يؤمن من أن يتولد من غفلته ما ذكرت فيهن من الفضائح.
صفحة ١٢٨