وقوله: وشهد نزول الوحي بتفسيره الصريح، إشارة منه فيما أحسب إلى تصديق زيد بن أرقم في حديثه لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بما سمعه من عبدالله بن أبي في غزوة (بني المصطلق) حين قال: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} [المنافقون:8] ، عنى بالأعز نفسه، وبالثاني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فسمعه زيد بن أرقم وهو حدث فقال: أنت والله القليل الذليل، ومحمد في عز من الرحمن وقوة من المسلمين؛ فقال عبدالله: اسكت فإنما كنت ألغب؛ فأخبر زيد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال -صلى الله عليه وآله وسلم- لعبدالله: ((أنت صاحب الكلام الذي بلغني؟)) قال: والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك وإن زيدا لكاذب، وهو قوله تعالى: {اتخذوا أيمانهم جنة} [المنافقون:2] ، فقال الحاضرون: يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لا نصدق عليه كلام غلام عسى أن يكون قد وهم.
فروي أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال له: ((لعلك غضبت عليه؟)) قال: لا، قال: ((فلعله أخطأ سمعك؟)) قال: لا، قال: ((فلعله شبه عليك؟)) قال: لا.
فلما نزلت لحق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- زيدا من خلفه فعرك أذنه وقال: ((وفت أذنك يا غلام إن الله قد صدقك وكذب المنافقين)) .
صفحة ٥١