هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
تصانيف
[نقولات من ديباجة كتاب الإنتصار]
وقال الإمام المؤيد بالله أمير المؤمنين يحيى بن حمزة عليه السلام في كتابه (الانتصار)، وقد ذكر في ديباجة الكتاب من هو أحق بالتقليد، فقال: المطلب الثاني: من هو أحق بالتقليد، ومن يكون أولى بالمتابعة ممن حاز منصب الاجتهاد من العلماء.
قال عليه السلام: اعلم أن العوام لما كانوا لا هداية لهم إلى القيام بهذه التكاليف الشرعية، وتأدية هذه العبادات العملية بأنفسهم فلا بد لهم من قدوة يعتمدونها وإمام يهتدون بهديه، ثم هل يكون العامي مخيرا في تقليد من شاء من أهل الاجتهاد، أو لا بد له من مزيد نظر في طلب الأفضل؟ فيه تردد ونظر.
والمختار عندنا أن عليه تكليفا في طلب الأفضل، لأن الذي دل على أنه واجب عليه التقليد فهو بعينه دال على أن عليه مزيد تكليف في تعرف من يكون أحق بالتقليد في الفضل، وهذا ظاهر.
فإذا تمهدت هذه القاعدة فلنذكر ما يكون معتمد التقليد من المذاهب؛ فنقول: أجمع العلماء واتفق رأي الفضلاء من أئمة الزيدية، والجماهير من المعتزلة والأشعرية، وغيرهم من سائر فرق الأمة على أن الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وإن كان فضلهم لا ينكر، ومزيد علمهم لا يجحد، لعلو منصبهم في الدين، وإحراز المناقب، واختصاصهم بالصحبة، فإنه ليس للعوام ولا من كان فرضه التقليد من أنواع الخلق تقليدهم؛ لوجهين:
صفحة ١٢٨