هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
تصانيف
وأما كلام الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة -عليه السلام- فإنه فرق بين الإجماعين؛ فقال: إجماع الأمة متى حصل على حكم من الأحكام فإنها تحرم مخالفته لكونه قاطعا، ويفسق المخالف له لما في ظاهر الآية من الوعيد على من خالفه، وأدنى درجات الوعيد الفسق، ويحرم وقوع الاجتهاد على مخالفة حكمه من جهة أن الإجتهاد على مخالفة المقطوع ممنوع، كما لو اجتهد على مخالفة النص كان فاسدا فهكذا هاهنا.
وأما إجماع العترة فهو حق وصواب لظاهر الآية والخبر، ولا يفسق من خالفه لعدم الدلالة على فسقه، والفسق إنما يكون بدلالة قاطعة شرعية، وليس في ظاهر الآية والخبر ما يدل على فسق من خالفه، وهل يكون قاطعا فيما يتناوله أم لا؟ فيه تردد ونظر.
قال عليه السلام: والأقرب أن دلالته ظنية كالظواهر القرآنية ونصوص السنة المنقولة بالآحاد ، وكالإجماعات من جهة الأمة التي نقلت على طريق الآحاد، لما في ظاهر الآية والخبر الدالين على كونه حجة من الاحتمال.
قال الإمام عليه السلام: وإذا كان مظنونا جاز مخالفته بالاجتهاد، ولهذا فإنك ترى كثيرا من المسائل التي وقع فيها إجماع العترة الخلاف من جهة الفقهاء فيها ظاهر، والاجتهاد فيها مضطرب من غير نكير هناك في المخالفة ولا تأثيم للمخالف ولا تجريح عليه، ولو كان إجماعهم قاطعا لحرم الاجتهاد ولكان الخطأ مقطوعا به، وفي هذا دلالة على كونه ظنيا، وأنه لا يحرم الاجتهاد.
صفحة ٩٩