حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

ابن الحاج القناوي ت. 598 هجري
74

حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

محقق

عبد الله عمر البارودي

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥ هجري

مكان النشر

بيروت

نسخت بقوله ﴿إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا﴾ الْآيَات الواردات فِيهِ ﷺ وَفِي الْمُؤمنِينَ وَفِي الْمُشْركين إِلَى قَوْله ﴿وَأعد لَهُم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا﴾ فَلَو كَانَت هَذِه الْآيَات نزلت عَلَيْهِ أَولا لما قَالَ ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم﴾ وَهَذِه جَهَالَة من أهل الاعتزال بِصِفَات ذِي الْجلَال والكمال والحشوية أَصَابُوا الْحق من حَيْثُ قَالُوا أَنه مُتَكَلم فِي أزله بِكَلَام قديم أزلي كَسَائِر صِفَاته الذاتية وأخطأوا فِي قَوْلهم أَن كَلَامه صَوت وحرف والمعتزلة أخطأوا فِي قَوْلهم إِن كَلَام الله صَوت وحرف واصابوا فِي كَونهم نزهوا ذَات الله عَن الْحَرْف وَالصَّوْت وَلكنه تَنْزِيه فِيهِ عدم التَّنْزِيه فَلَزِمَ مِنْهُ جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ ومذهبنا هُوَ الْحق الْمُبين وَهُوَ مَذْهَب بَين طريقي الافراط من الْمُعْتَزلَة والتفريط من الحشوية وَهُوَ أَن الله تَعَالَى مُتَكَلم بِكَلَام أزلي قديم كَسَائِر صِفَاته وَأَن حَقِيقَة الْكَلَام أَنه معنى قَائِم بِالنَّفسِ وَلَيْسَ بِحرف وَلَا صَوت وَإِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ بالحروف والأصوات ليفهم الْغَيْر تَارَة للحاضر إِذا كَانَ يفهم لغتنا وبلغته تَارَة إِذا كَانَ عجميا وَتارَة بالحروف وَحدهَا إِذا كَانَ غَائِبا وَإِن كَانَ حَاضرا وَهُوَ أخرس فيستدل على الْكَلَام الْقَائِم بذاتنا لَهُ بِالْإِشَارَةِ والإيماء وَلَا يُطيق اُحْدُ من الْبشر أَن يُوصل كَلَامه الْقَائِم بِذَاتِهِ إِلَى إفهام غَيره من الْخلق إِلَّا بالحروف والأصوات فَأَما رَبنَا جلّ وَعلا فيكلم خلقه على ثَلَاثَة أنحاء أما إلهاما كالخضر ﵇ وَإِمَّا من وَرَاء حجاب كموسى ﵇ وَإِمَّا بإرسال رَسُول كمحمد ﷺ قَالَ الله

1 / 91