ولكن ربك بالمرصاد.
فإن شيخ الكويت قضى غير مأسوف عليه في سنة 1915، إذ كان ربيبه ابن سعود قادما لتأديبه وهو الذي نشأ في بيته وكان يدعوه قائلا أنت ولدي، وعبد العزيز بن سعود يقول: أي نعم يا والدي ، ولكن في أخلاق ابن سعود ما لم يلتئم مع كل هذا الخبث والغدر العظيم.
أما الشيخ خزعل فقد أسره الفرس بحيلة غريبة بعد أن استفحل شره وتحققوا من شدة لؤمه وكيده، فقد كان جلالة الشاه بهلوي خان وزيرا للحربية، فأرسل إلى خزعل هذا ضابطا من الجيش الفارسي نزل في ضيافته وتودد إليه ووافقه على خطته في سروره ولذته، ثم دعاه إلى نزهة بحرية في زورق جميل، فلما أن بلغا الشاطئ الفارسي انقضت عليه شرذمة من الجند وقبضت عليه وساقته في سيارة إلى أحد سجون طهران، ووضعت حكومة الفرس يدها على المحمرة، لأنها ملكها وإحدى ولاياتها، وصادروا أملاك الشيخ الخليع الرقيع فلم ينفعه شعر الشعراء ولا عزف القيان، وتشفع الإنجليز لدى دولة الفرس في شأن الشيخ فأبقوا على حياته وهو لا يزال في طهران سجينا.
لا نقول إن أمراء العرب كلهم من هذا القبيل، فإن بينهم رجالا أشداء في الحق، أمناء على العهود، أهل صدق ووفاء وإخلاص، محبين لأوطانهم يذودون عنها ويتفانون في حمايتها والحرص عليها، وفي مقدمتهم الإمام يحيى أمير اليمن. وكان أمراء مسقط وعمان في عهدهم الأول وقبل أن يدب بينهم دبيب الشقاق وتفرقهم المطامع والأحقاد؛ في أعلى ذروة من علو الهمة وصفاء النية وحب الإسلام.
ولكن الكثرة الغالبة ولا سيما في العهد الأخير أخلاقها كأخلاق هذين الأميرين من أمراء دار التمثيل، اللذين يثيران البكاء حينا وحينا يثيران الضحك العميق. على أنهما لم يخلوا من الذكاء والشجاعة والإقدام وسعة الصدر ونباهة الذكر وصفاء الفكر، ولكن ما فائدة هذا كله إن كانت الإرادة ضعيفة وحب الاستبداد متمكنا وظلم الشعب ديدنهما وبيع الوطن داء دفينا في فؤاديهما؟ بل ما فائدة المواهب إذا كان المال يعمي صاحبها ويصمه ويسهل له التفريط في حقوق البلاد؟ وأي نفع يعود على العرب من كثرة الزواج وتبذير المال في مجالس المدح والشراب وملء حقائب أهل الخلاعة بالذهب والفضة، ثم تكون لهما هذه الخاتمة الخاسرة؟
الفصل العاشر
المرأة المصرية والسياسة وخطة دنلوب في التعليم وكيف نجحت؟
مصر الاجتماعية
لقد بدأ البحث في المسائل الاجتماعية في مصر منذ ألف المرحوم قاسم أمين كتابه في تحرير المرأة، لأن المرأة هي قوام الحياة الاجتماعية في كل بقعة وقطر، فالمرأة الإنجليزية اشتهرت بتدبير الدار والدأب على العمل في سبيل إسعاد الأسرة وتوفير وسائل الهناء حول الموقد والخوان، والمرأة الفرنسية معروفة بذكائها وفطنتها وحضور بديهتها وحسن بزتها والمبالغة في صنوف التجمل والزينة، والمرأة الألمانية وفية لزوجها تحبه الحب كله، وتودعه كما تستقبله في كل صباح ومساء بدموع الفرح أو الأسى وهي بعد تجيد الطبخ وصنع الفطائر والمرققات وتحب الموسيقى وتشارك زوجها في حمل أعباء الحياة، والمرأة البولونية لا تصلح للزواج بقدر ما تصلح للعشق فهي شديدة الشغف بالمغازلة، والمرأة الروسية عاقلة عليمة صبور على الشدائد تعين زوجها وتساعده وإعجابها بالذكاء والشجاعة أعظم من إعجابها بالجمال أو بالقوة، وقد كان لها أوفر نصيب في الثورات الروسية والاستقتال في سبيل الفكرة التي بها تحيا ولأجلها تموت.
أما المرأة الشرقية ولا سيما المسلمة فيندر أن يكون لها مشاركة في أعمال الحياة الخارجة عن بيتها. إن اليابانية شاركت رجلها في الحرب والتجارة والسياسة، والمرأة الهندية التي كانت خاملة قد نهضت في العشرين سنة الأخيرة وأخذت تعمل مع الرجل، وذلك بفضل تعلمهن تعليما حديثا في أوروبا.
صفحة غير معروفة