خطاب إلى بوانكاريه
نشرت جريدة المستقبل الباريزية في عدد 116 الصادر في 10 أكتوبر سنة 1918 برقية أرسلها المرحوم جلالة الملك حسين بن علي إلى بوانكاريه رئيس الجمهورية، هذا نصها:
إلى فخامة المسيو ريمون بوانكاريه رئيس الجمهورية بالإليزه
انتهينا في هذا اليوم السعيد، الذي تعده الأمة من أيامها التاريخية، بإرسال تهنئتنا إليكم بمناسبة استيلاء جيشكم على دمشق. وإنه لظفر كلل مساعي فخامتكم ومساعي شعبكم النبيل بالنجاح، وهو من ثم بشارة لاقتراب النصر النهائي أي انتصار العدل وحقوق الأمم وضمانها من خرق حرمتها ومن كل اعتداء عليها في المستقبل.
الحسين الأول
وفي نوفمبر سنة 1920 أي بعد إرسال هذه البرقية بسنتين وبضعة أيام، أرسل المرحوم الحسين بن علي ملك الحجاز نفسه كتابين إلى خديو مصر السابق عباس حلمي الثاني وإلى سلطان تركيا يحتج فيهما على أعمال فرنسا في سورية وينسب إليها أنها تعمل في سورية عملا عدائيا لدين المسلمين ويطالب بجلاء جنودها عن عاصمة الأمويين.
ولم ننس من الذي قدم سورية هدية لفرنسا، وفلسطين والعراق هدية لإنجلترا، والفضل للجنيهات الإنجليزية التي كان ينفقها بعضهم بمكة بنفسه وبواسطة صنائعه لتمزيق أجزاء الإسلام والدولة العثمانية. فكيف يعترف الحسين أمس بأن فرنسا فتحت سورية واليوم يطلب الجلاء عنها؟! فأين ثمرة الفتح وأين ثمن الدماء الأوروبية التي أريقت في سبيله؟ هل كان يظن الشريف أن دماء الحلفاء رخيصة مثل دماء العرب والشرقيين؟
أليس الإنجليز والفرنسويون هم الذين كان المرحوم الحسين يصفهم بأنهم «حلفاؤنا الكرام المحاربون لنصرة الحق والإنسانية.» ثم يصفهم بأنهم أعداء يستأجرون الناس لمصالحهم؟ أفلم يستأجروا جيوشا وقوادا من العرب من قبل؟
هل كان يظن أن فرنسا تتخلص من الترك لتشترك مع البدو الحفاة، أم أنها تفتح بلاد الشرق لتسلمها لقمة سائغة للحسين بن علي وأقاربه وأعوانه؟
كان الحسين ينتقد سياسة الأتراك الذين عاشوا في أوروبا 700 سنة وهم في درس مستمر لأعوص مشاكلها السياسية ويبدو للعيان في جريدة القبلة التي كان يحررها أنه سياسي محنك؛ فكيف خدع لوعود إنجلترا؟ وكيف لعبوا به بأسهل الطرق وأهونها فسارع إلى الخلاص من الترك الذين تربى في حجورهم سابحا في بحر من نعمة الله عشرات السنين هو وأولاده وأحفاده وكل أهل بيته؟
صفحة غير معروفة