143

الحاوي للفتاوي

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هجري

مكان النشر

بيروت

وَالْجَمَاعَةِ، وَأَمَرَ بِكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ وَبِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَ فِيهَا اللَّحْمُ الْحَرَامُ، وَبِتَحْرِيقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ، وَسَلَكَ أَصْحَابُهُ وَخُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ، فَحَرَقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَانُوتَ الْخَمَّارِ بِمَا فِيهِ، وَحَرَّقَ قَرْيَةً يُبَاعُ فِيهَا الْخَمْرُ، وَحَرَّقَ قَصْرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتَجَبَ فِي قَصْرِهِ عَنِ الرَّعِيَّةِ.
وَسُئِلَ أُسْتَاذُنَا الْإِمَامُ كمال الدين بن الهمام الحنفي عَنْ رَجُلٍ يَجْمَعُ فِي بَيْتِهِ جَمَاعَةً إِلَى الْفِسْقِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ قَالَ الْفُقَهَاءُ: رَجُلٌ أَظْهَرَ الْفِسْقَ فِي دَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَبَدًا لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَفَّ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ سَجَنَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَهُ أَسْوَاطًا وَإِنْ شَاءَ أَزْعَجَهُ عَنْ دَارِهِ، وَقَدْ بَالَغَ بَعْضُ أَشْيَاخِنَا حَيْثُ أَمَرَ بِتَخْرِيبِ دَارِ الْفَاسِقِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابن فرحون: صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِقَتْلِ مَنْ لَا يَزُولُ فَسَادُهُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي اللُّوطِيِّ إِذَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يُقْتَلُ تَعْزِيرًا. وَفِي مُعْجَمِ الْأُدَبَاءِ لياقوت الحموي أَنَّ نُورَ الدِّينِ الشَّهِيدَ لَمَّا فَتَحَ الْمَدْرَسَةَ الْكَبِيرَةَ بِحَلَبَ اسْتَدْعَى البرهان البلخي إمام الحنفية فِي زَمَانِهِ فَأَلْقَى فِيهَا الدَّرْسَ وَكَانَ الْأَذَانُ بِحَلَبَ عَلَى قَاعِدَةِ الشِّيعَةِ يُزَادُ فِيهِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُحَمَّدٌ وعلي خَيْرُ الْبَشَرِ، فَلَمَّا سَمِعَ البلخي ذَلِكَ أَمَرَ الْفُقَهَاءَ فَصَعِدُوا الْمَنَارَةَ وَقْتَ الْأَذَانِ وَقَالَ لَهُمْ: مُرُوا الْمُؤَذِّنِينَ يُؤَذِّنُوا الْأَذَانَ الْمَشْرُوعَ وَمَنِ امْتَنَعَ مِنْهُمْ أَلْقُوهُ مِنْ فَوْقِ الْمَنَارَةِ عَلَى رَأْسِهِ فَفَعَلُوا فَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ يُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ ابن كثير فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ: بَرَزَتِ الْمَرَاسِيمُ السُّلْطَانِيَّةُ الْمُظَفَّرِيَّةُ بيبرس إِلَى نُوَّابِ الْبِلَادِ السَّاحِلِيَّةِ بِإِبْطَالِ الْخُمُورِ وَتَخْرِيبِ الْحَانَاتِ فَفُعِلَ ذَلِكَ وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا كَثِيرًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَالَ الذهبي فِي الْعِبَرِ فِي سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ: خُرِّبَ الْبَازَارُ الْمُعَدُّ لِلْفَاحِشَةِ بِبَغْدَادَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَمَا يَعْلَمُ مَا غُرِمَ عَلَى بِنَائِهِ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى مِنْ عِظَمِهِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ: خَرَّبَ آلُ مَلِكٍ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ خِزَانَةَ النُّبُوذِ وَأَرَاقَ خُمُورَهَا وَكَانَتْ دَارَ فِسْقٍ وَفُجُورٍ، وَقَالَ الحافظ ابن حجر فِي إِنْبَاءِ الْغُمْرِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ: شَدَّدَ منجك نائب الشام عَلَى أَهْلِ اللَّهْوِ وَأَمَرَ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ الصَّفْصَافِ الَّتِي بَيْنَ النَّهْرَيْنِ وَبِتَحْرِيقِ الْمَكَانِ الَّذِي بِالسُّوقِ الْأَعْلَى وَأَزَالَ الْمُنْكَرَاتِ مِنْهُ، وَمِنَ الَّذِي فَوْقَ الْجِهَةِ وَهَدَمَ الْأَبْنِيَةَ وَالْحَوَانِيتَ الَّتِي هُنَاكَ.

1 / 146