132

الحاوي للفتاوي

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هجري

مكان النشر

بيروت

إِزَالَةُ الْمُنْكَرِ - يَعْنِي بِالْفِعْلِ - وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ، وَكَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ وَعُدُولِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ لِلْكَافِرِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا رَآهُ يَزْنِي؟ قُلْنَا: إِنْ مَنَعَ الْمُسْلِمَ بِفِعْلِهِ فَهُوَ تَسَلُّطٌ عَلَيْهِ فَنَمْنَعُهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَسَلُّطٌ، وَمَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ: لَا تَزْنِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الزِّنَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ إِذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ إِلَى أَنْ قَالَ بَلْ نَقُولُ: إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا لَمْ يَقُلْ لِلْمُسْلِمِ لَا تَزْنِ، يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إِنْ رَأَيْنَا خِطَابَ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ.
[هَدْمُ الْجَانِي عَلَى الْبَانِي]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَاضِي الْقُضَاةِ علم الدين البلقيني إِجَازَةً عَنْ أبي إسحاق التنوخي، عَنِ القاسم بن مظفر أَنَّ عبد الرحيم بن تاج الأمناء، أَخْبَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْأَكْفَانِيِّ، أَنَا أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الصمد الكلاعي أَنَا تَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أبو الحسن علي بن شيبان الدينوري، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الرحمن الدينوري، عَنْ رَجُلٍ أَظُنُّهُ الربيع بن سليمان، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: إِنَّ الْعَالِمَ لَا يُمَارِي وَلَا يُدَارِي يَنْشُرُ حِكْمَةَ اللَّهِ فَإِنْ قُبِلَتْ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ رُدَّتْ حَمِدَ اللَّهَ، وَبَعْدُ فَقَدْ رُفِعَ إِلَيَّ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ خَرِبَةً بِجِوَارِ مَسْجِدٍ وَبَنَى بِهَا مَخَازِنَ ثُمَّ إِنَّهُ قَصَرَهَا عَلَى سُكْنَى مَنْ يُعِدُّهَا لِلْفَسَادِ فَيَسْكُنُ فِيهَا جَمَاعَةٌ بَعْضُهُمْ عُزَّابٌ، وَبَعْضُهُمْ مُتَزَوِّجُونَ وَعِيَالُهُمْ بِمَسْكَنٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا يُعِدُّونَ هَذَا الْمَسْكَنَ لِيَخْتَلُوا فِيهِ لِلْفَسَادِ، وَأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ يَجْتَمِعُ فِيهِ كُلَّ يَوْمِ ثُلَاثَاءَ خَلْقٌ كَثِيرُونَ، يَأْتُونَهُ مِنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ مِنْ نِسَاءٍ وَرِجَالٍ وَشَبَابٍ مُرْدٍ فَيَجْتَمِعُونَ فِيهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، وَالزِّنَا، وَاللِّوَاطِ بِحَيْثُ يَدْخُلُ جَمَاعَةٌ يُبَاشِرُونَ الزِّنَا وَاللِّوَاطَ، وَيَتَأَخَّرُ جَمَاعَةٌ يَنْتَظِرُونَ انْتِهَاءَ النَّوْبَةِ إِلَيْهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ بِالدِّهْلِيزِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ بِالطَّرِيقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ رُؤِيَ رَجُلٌ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ صَبِيٌّ يَلُوطُ بِهِ، وَصَارَ ذَلِكَ مَشَاعًا فِي تِلْكَ الْخُطَّةِ وَصَارَ الْمَكَانُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ بِحَيْثُ يُقْصَدُ مِنْ أَمْكِنَةٍ بَعِيدَةٍ لِهَذِهِ الْأُمُورِ، وَبِجِوَارِ هَذَا الْمَكَانِ الْخَبِيثِ رَجُلٌ مُبَارَكٌ يَقُومُ فِي إِنْكَارِ مَا يَرَاهُ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ، فَرَاجَعَ صَاحِبَ الْبَيْتِ فِي إِخْلَائِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَتَسْكِينِ مَنْ هُوَ عَلَى

1 / 135