الهوامل والشوامل

أبو علي مسكويه ت. 421 هجري
184

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

مَا يُحَقّق هَذَا الْمَعْنى ويؤكده وينبه عَلَيْهِ. مَسْأَلَة مَا وَجه تسخيف من أَطَالَ ذيله وسحبه وَكبر عمَامَته وحشا زيقه قطنًا وَعرض جيبه تعريضًا وَمَشى متبهسنًا وَتكلم متشادقًا وَلم شنع هَذَا وَنَظِيره وَمَا الَّذِي سمج هَذَا وَأَمْثَاله وَلم لم يتْرك كل إِنْسَان على رَأْيه واختياره وشهوته وإيثاره وَهل أطبق الْعُقَلَاء المميزون والفضلاء المبرزون على كَرَاهَة هَذِه الْأُمُور إِلَّا لسر خَافَ وخبيئة مَوْجُودَة فَمَا ذَلِك السِّرّ وَمَا تِلْكَ الخبيئة. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: يُنكر مِمَّا ذكرته كُله التَّكَلُّف وَذَاكَ أَن من خَالف عادات النَّاس فِي زيهم ومذاهبهم وَتفرد من بَينهم بِمَا يباينهم ثمَّ احْتمل مؤونة مَا يتجشمه فَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ إِلَّا لغَرَض مُخَالف لأغراضهم وَقصد لغير مَا يقصدونه: فَإِن كَانَ غَايَته من هَذِه الْأَشْيَاء أَن يشهر نَفسه وينبه على مَوْضِعه فَلَيْسَ يعدو أَن يُوهم بهَا أمرا لَا حَقِيقَة لَهُ وَيطْلب حَالا لَا يَسْتَحِقهَا لِأَنَّهُ لَو كَانَ يَسْتَحِقهَا لظهرت مِنْهُ وَعرفت لَهُ من غير تكلّف وَلَا تجشم لهَذِهِ الْمُؤَن الغليظة فَإِذن هُوَ كَاذِب فعلا ومزور بَاطِلا وَمَا تعَاطِي ذَلِك إِلَّا ليغر سليما ويخدع مسترسلًا. وَهَذَا مَذْهَب الْمُحْتَال الَّذِي يتحرز مِنْهُ ويتباعد عَنهُ. هَذَا إِلَى مَا يجمعه من بديهة الْمُخَالفَة والمخالفة سَبَب الاستيحاش وَعلة النفور وأصل المعاداة.

1 / 215