رأى نفسه ظهرت الأسماء باعتبار النسب التي بين الماهيات والوجود الفائض، فلما أفاض عين وجوده على الماهيات بذلك صار هو موجود في الظاهر، فظهرت الوحدة في الكثرة متكررة فيها لا متعددة لأنها كتكرر الإنسانية في الأشخاص المتعددة ، وهي إنسانية واحدة ، فهو الموجود في الكثرة لا موجود غيره ، والكل هو هذا الظاهر الذي ظهر بوجوده في بريته، وكل موجود له نسبة من وجود الحق لما قبله استعدادا، فتلك النسبة هي عين أسمائه وصفاته، فصار الحق عنده كالإنسانية المطلقة السارية في شخص بالتكرار، وكل واحد إنسان، وبهذا الأشخاص ظهرت الإنسانية في الخارج، ولولاهم كانت شيئا ثابتا في الذهن مطلقة لا حقيقة لها في الحارج متعينة ، فكذلك الرب عنده كان شيئا مطلقا لا ظهور له، فأفاض وجوده على الأكوان كفيض الإنسانية على جنس الإنسان ، فظهر بذلك وجود الحق في الخارج كما ظهرت الإنسانية في الخارج، لتعلقها بالأشخاص المتعينين. فأحل الله الشكوى مما انتحلته هذا الطائفة المبطلة التي قلبت الحقائق وشنعت على ضعفاء هذه الأمة عقولها، وفرقت الربوبية كل ممزق، وقلبت صورة الشريعة ومسختها، فاستهلك الإيمان والإسلام في صورة ما انتحلوه كاستهلاك الإنسانية في القرد الممسوخ، مسخهم الله كما مسخوا دينه، وقلبهم في النار كما قلبوا شريعته وبالله المستعان. فمذهب هذا الرجل: أن الأعيان كانت ثابتة، فهي غذاؤه بالأحكام. يعني يتغذى بها الحق لظهور أحكام أسمائه فيها، وذلك يقتضي افتقاره إليها لأن من يتغذى بالشيء كان مفتقرا إليه، ولذلك أفاض عليها وجوده
صفحة ٣٣