الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ
محقق
المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم
الناشر
مؤسسة شباب الجامعة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٢ هـ
مكان النشر
الاسكندرية
وَافِرًا، وَالتَّهَيُّؤُ لاكْتِسَابِ الْعُلُومِ مُمْكِنًا.
وَقَدْ يَحْصُلُ هَذَا ثُمَّ يَغْلِبُ الْمِزَاجُ فَيُؤْذِي.
فَإِنَّهُ مَتَى غَلَبَتِ السَّوْدَاءُ بَطُلَ الْحِفْظُ، فَإِذَا غَلَبَتِ الصَّفْرَاءُ لَمْ يُضَرَّ الْحِفْظُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: صَاحِبُ السَّوْدَاءِ لا يَحْفَظُ شَيْئًا، إِنَّمَا يَحْفَظُ صَاحِبُ الصَّفْرَاءِ.
وَمَتَى كَانَ الْمِزَاجُ بَارِدًا، كَانَ صَاحِبُهُ بَلِيدًا، قَلِيلَ الْفَهْمِ.
وَمِنْ عَلامَةِ رَدَاءَةِ الْمِزَاجُ بُرُودَةُ اللَّمْسِ، وَابْيِضَاضُ اللَّوْنِ، وَقِلَّةُ الشَّعْرِ مَعَ بَيَاضِهِ.
وَمَتَى كَانَ الْمِزَاجُ حَارًّا يَابِسًا، دَلَّ عَلَى الذَّكَاءِ وَالذِّهْنِ وَالشَّجَاعَةِ، وَعَلامَتُهُ كَثْرَةُ الشَّعْرِ وَجُعُودَتُهُ وَسَوَادُهُ.
وَالْمِزَاجُ الْمُعْتَدِلُ هُوَ الْكَامِلُ، وَصَاحِبُهُ الْفَطِنُ الْفَهِمُ، الْعَاقِلُ الشُّجَاعُ الْمُتَوَسِّطُ فِي الأُمُورِ وَعَلامَتُهُ: أَنْ يَكُونَ مَلْمَسُهُ مُعْتَدِلا، فِي الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، وَيَكُونَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْهُزَالِ وَالسِّمَنِ.
فَصْلُ الْحِفْظُ يَبْدَأُ مُنْذُ الصِّغَرِ
ومتى اعْتَدَلَ الْمِزَاجُ، وَتَكَامَلَ الْعَقْلُ، أَوْجَبَ ذَلِكَ يَقَظَةُ الصَّبِيِّ مِنْ حَالِ صِغَرِهِ، فَتَرَاهُ يَطْلُبُ مَعَالِيَ الأُمُورِ، فَإِنْ طَلَبَ رِفْعَةَ الدُّنْيَا دَلَّ
1 / 36