الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ
محقق
المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم
الناشر
مؤسسة شباب الجامعة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٢ هـ
مكان النشر
الاسكندرية
مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَنْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَيَانٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِالْجَبَّانِ بِالْبَصْرَةِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، وَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ وَاضِعَةٍ يَدَهَا عَلَى قَبْرٍ، وَهِيَ تَقُولُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ قَرِحٍ:
هَلْ خَبَّرَ الْقَبْرُ سَائِلِيهِ ... أَمْ قُرَّ عَيْنًا بِزَائِرِيهِ
أَمْ هَلْ تَرَاهُ أُحَاطَ عِلْمًا ... بِالْجَسَدِ الْمُسْتَكِنِّ فِيهِ
لَوْ يَعْلَمُ الْقَبْرُ مَنْ يُوَارِي ... تَاهَ عَلَى كُلِّ مَا يَلِيهِ
يَا جَبَلا كَانَ ذَا امْتِنَاعٍ ... وَرُكْنَ عِزٍّ لِمَنْ يَلِيهِ
وَنَخْلَةً طَلْعُهَا نَضِيدٌ ... يَقْرُبُ مِنْ كَفِّ مُجْتَنِيهِ
وَيَا مَرِيضًا عَلَى فِرَاشٍ ... تُؤْذِيهِ أَيْدِي مُمْرِضِيهِ
وَيَا صَبُورًا عَلَى بَلاءٍ ... كَانَ بِهِ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ
يَا مَوْتُ لَوْ تَقْبَلُ افْتِدَاءً ... كُنْتُ بِنَفْسِي سَأَفْتَدِيهِ
يَا مَوْتُ مَاذَا أَرَدْتَ مِنِّي ... حَقَّقْتَ مَا كُنْتُ أَتَّقِيهِ
مَوْتٌ رَمَانِي بِفَقْدِ إِلْفِي ... أَذُمُّ دَهْرِي وَأَشْتَكِيهِ
آمَنَكَ اللَّهُ كُلَّ رَوْعٍ ... وَكُلَّ مَا كُنْتَ تَتَّقِيهِ
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا جَارِيَةُ أَعِيدِي عَلَيَّ لَفْظَكِ، قَالَتْ: أَوَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنِّي، فَأَنْشَدْتُهَا شِعْرَهَا عَنْ آخِرِهِ، فَقَامَتْ تَنْفُضُ ثِيَابَهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي عِبَادِكَ الأَصْمَعِيُّ فَهُوَ ذَا هُوَ.
1 / 81