«. وقد بلغنا أن جماعة من أهل بيروت وضواحيها، وصيدا ونواحيها، وأعمالها المضافة إليها، وجهاتها المحسوبة عليها، ومزارع كل من الجهتين وضياعها، وأصقاعها وبقاعها، قد انتحلوا هذا المذهب الباطل وأظهروه، وعملوا به وقرروه، وبثوه في العامة ونشروه، واتخذوه دينا يعتقدونه، وشرعا يعتمدونه، وسلكوا منهاجه، وخاضوا لجاجه، وأصلوه وفرعوه، وتدينوا به وشرعوه، وحصلوه وفصلوه، وبلغوه إلى نفوس أتباعهم ووصلوه، وعظموا أحكامه، وقدموا حكامه، وتمموا تبجيله وإعظامه، فهم بباطله عاملون، وبمقتضاه يتعاملون، ولإعلام علمه حاملون، وللفساد قابلون، وبغير السداد قائلون، وبحرم حرامه عائذون، وبحمى حمايته لائذون، وبكعبة ضلاله طائفون، وبسدة شدته عاكفون، وإنهم يسبون خير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، ويستحلون دم أهل السنة من المسلمين، ويستبيحون نكاح المتعة ويرتكبونه، ويأكلون مال مخالفيهم وينتهبونه، ويجمعون بين الأختين في النكاح، ويتدينون بالكفر الصراح، إلى غير ذلك من فروع هذا الأصل الخبيث، والمذهب الذي ساوى في البطلان مذهب التثليث. فأنكرنا ذلك غاية الإنكار، وأكبرنا وقوعه أشد أكبار، وغضبنا لله تعالى أن يكون في هذه الدولة للكفر إذاعة، وللمعصية إشادة وإشاعة، وللطاعة إخافة وإضاعة، وللإيمان أزجى بضاعة، وأوردنا أن نجهز طائفة من عسكر الإسلام، وفرقة من جند الإمام، تستأصل شأفة هذه العصبة الملحدة، وتطهر الأرض من رجس هذه المفسدة، ثم رأينا أن نقدم الإنذار، ونسبق إليهم بالأعذار، فكتبنا هذا الكتاب، ووجهنا هذا الخطاب، ليقرأ على كافتهم، ويبلغ إلى خاصتهم وعامتهم، يعلمهم أن هذه الأمور التي فعلوها، والمذاهب التي انتحلوها، تبيح دماءهم وأموالهم، وتقتضي تعميمهم بالعذاب واستئصالهم، فإن من استحل ما حرم الله تعالى وعرف كونه من الدين ضرورة فقد كفر، وقد قال الله تعالى وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف عطفا على ما حكم بتحريمه، وأطلق النص فتعين حمله على تعميمه، وقد انعقد على ذلك
صفحة ٢٥٣