260

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

تصانيف

بمثل صنيعهم صورة صنيع المتخادعين. ويحتمل أن يراد بيخادعون يخدعون لأنه بيان ليقول، أو استئناف بذكر ما هو الغرض منه إلا أنه أخرج في زنة فاعلت للمبالغة إن الزنة لما كانت للمبالغة والفعل متى غولب فيه كان أبلغ منه إذا جاء بلا مقابلة معارض ومبار استصحبت ذلك ويعضده قراءة من قرأ يخدعون. وكان غرضهم في ذلك أن يدفعوا عن فقوله تعالى: يخادعون استعارة تبعية. وليس في هذا الجواب اعتبار هيئة مركبة من الجانبين وما يجري بينهما مشبهة بهيئة أخرى مركبة من الخادع والمخدوع والخدع ليحمل الكلام على الاستعارة التمثيلية على قياس ما مر في «ختم الله تعالى على قلوبهم» فلا تغفل. انتهى كلامه. ولعل مراده أن الحمل على الاستعارة التبعية كاف ههنا فلا حاجة إلى الحمل على الاستعارة التمثيلية وإلا فالحمل على الاستعارة التمثيلية جائز أيضا وهو الظاهر من تقرير المصنف فإنه يدل دلالة ظاهرة على اعتبار هيئة مركبة من صنيعهم مع الله تعالى من إظهار الإيمان وإخفاء الكفر. وصنع الله تعالى معهم من حيث إنه تعالى أمر الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بإجراء أحكام المسلمين عليهم كالتوارث وإعطاء السهم من المغنم ونحو ذلك، والحال أنهم عنده تعالى من أخبث الكفره. وتشبيه تلك الهيئة بهيئة أخرى مركبة منتزعة من الأحوال الحاصلة للمخادعين وهي أن كل واحد منهما يظهره لصاحبه المسالمة معه ويضمر في نفسه أن يفعل به خلاف مراده، ثم إنه يستعار لفظ الهيئة المشبهة بها للهيئة المشبهة استعارة تمثيلية والجامع بينهما ما اشتركا فيه من إظهار كل واحد منهما للآخر خلاف ما عنده حتى يحصل مراده ولا يحصل مراد الآخر. وقد ذكر الشريف في قوله تعالى: ختم الله على قلوبهم أن الهيئة المركبة لا يلزم أن يكون جميع أجزائها مذكورة بألفاظها بالفعل بل يكفي أن يكون بعض ألفاظها مذكورة بالفعل، وبعضها مقدرة، وبعضها منوبة. وقال الفاضل خسرو: حاصل هذا الوجه أنه اعتبر ههنا هيئة منتزعة من الجانبين وما يجري بينهما مشبهة بهيئة أخرى منتزعة من الخادع والمخدوع والخدع، فيكون استعارة تمثيلية كما تحققته في «على هدى» ومن اقتصر على التبعية فقد اتبع العصبية. فإنه لما ذهب إلى أن تركب الطرفين بمعنى دلالة جزء اللفظ على جزء المعنى شرط في التكميل على خلاف ما ذهب إليه النحرير التفتازاني وكان اعتبار التركيب ههنا فيه تكلف اقتصر على التبعية. قوله: (ويحتمل أن يراد بيخادعون الخ) عطف على قوله: «والمخادعة تكون بين اثنين» وإذا كان بمعنى «يخدعون» لا يحتاج إلى اعتبار خدع الله تعالى أو المؤمنين إياهم، وتأويله لا يحتاج إلى اعتباره إلا إذا كان فعل المخادعة على أصله مع أنه لا ينسب إليه الخدع حقيقة عند المعتزلة لأن الحكيم الذي لا يفعل القبيح لا يخدع. وأما عندنا فلأن الخدع الحقيقي يوهم العجز عن إظهار المكتوم وإيصاله عيانا من غير أن يوهم خلافه ويجعله مغرورا بذلك. قوله: (لأنه بيان

صفحة ٢٦٦