حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي المعروف بشيخ زاده ت. 950 هجري
130

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

تصانيف

قلت لها قفي فقالت لي قاف

كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: الألف آلاء الله واللام لطفه والميم ملكه. وعنه: إن الر وحم ون مجموعها الرحمن. وعنه: إن الم معناه أنا الله أعلم. ونحو ذلك في سائر الفواتح. وعنه: إن الألف من الله واللام من جبريل والميم من محمد. أي القرآن منزل من الله بلسان جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام. أو إلى مدد أقوام وآجال بحساب الجمل كما قاله أبو العالية، متمسكا بما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه اليهود تلا عليهم الم البقرة فحسبوه وقالوا: كيف ندخل في دين مدته إحدى وسبعون سنة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: فهل غيره؟ فقال: «المص والر والمر».

فقالوا: خلطت علينا فلا ندري بأيها نأخذ. فإن تلاوته إياها بهذا الترتيب عليهم وتقريرهم على استنباطهم دليل على ذلك. وهذه الدلالة وإن لم تكن عربية لكنها لاشتهارها فيما اقتصار الشاعر في قوله:

(قلت لها قفي فقالت لي قاف)

أي وقفت أو أقف وبعده:

لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف

وهو من مقول قوله قلت. والإيجاف إسراع الراكب. قوله: (ونحو ذلك في سائر الفواتح) كما قيل في معنى الر* إنا لله أرى وفي معنى المر إنا الله أعلم وأرى. قوله:

(أو إلى مدد أقوام) عطف على قوله: «إلى كلمات هي منها» فإن تلاوته عليه الصلاة والسلام تلك الفواتح بهذا الترتيب وهو ذكر الأكثر بعد الأقل في معرض الجواب عن قولهم فهل غيره؟ وكذا تقريره عليه الصلاة والسلام إياهم على استنباطهم ذلك وعدم إنكاره عليهم في تسليم ذلك يدل على أنه سلم أن المراد منها الإشارة إلى المدة وإن أخطأوا في تعيين أن تلك المدة مدة تقرير الشريعة وملة الإسلام. قوله: (وهذه الدلالة وإن لم تكن عربية إلى آخره) حيث لم تكن الألفاظ المذكورة موضوعة في لغة العرب للدلالة على المدة وهو جواب عما يقال كيف وقد تحقق أن القرآن نزل على لغة العرب بلسان عربي مبين فيجب أن تكون دلالته على المراد بحسب الوضع العربي فلا يجوز أن تكون الفواتح إشارة إلى المدد والآجال لاستلزامه أن لا يكون القرآن عربيا وهو باطل. وتقرير الجواب أن تلك الفواتح وإن لم تكن موضوعة في لغة العرب للدلالة على المدد إلا أن تلك الدلالة مشهورة بين العرب فصارت الفواتح بذلك كأنها موضوعة في لغتهم لتلك الدلالة فصارت من حيث دلالتها على المدد

صفحة ١٣٦