حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي المعروف بشيخ زاده ت. 950 هجري
129

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

تصانيف

والثاني باطل لأنه إما أن يكون المراد ما وضعت له في لغة العرب وظاهر أنه ليس كذلك أو غيره وهو باطل لأن القرآن نزل على لغتهم، لقوله تعالى: بلسان عربي مبين [الشعراء: 195] فلا يحمل على ما ليس في لغتهم. لا يقال: لم لا يجوز أن تكون مزيدة للتنبيه والدلالة على انقطاع كلام واستئناف آخر كما قاله قطرب، أو إشارة إلى كلمات هي منها اقتصرت عليها اقتصار الشاعر في قوله:

كلماته غير ما هي موضوعة له في لغة العرب وإلا لم يكن عربيا. وكذلك الأول لأن الظاهر أنه ليس المراد بالفواتح ما وضعت هي له في لغة العرب وهي الحروف البسيطة التي هي مسميات الفواتح أو معان أخر لها في اللغة حيث قالوا: النون الحوت والقاف الجبل وظاهر أنه ليس كذلك فلما بطل كل واحد من الاحتمالين المتفرعين على أن لا يكون الفواتح ألقابا للسور تعين كونها ألقابا بها.

قوله: (وظاهر أنه ليس كذلك) لا يخلو عن خفاء إذ لا بعد في أن تكون مفهمة ويكون المراد ما وضعت هي له في لغة العرب وهي الحروف البسيطة التي هي مسمياتها لكن لا من حيث إنها هي المقصودة بالذات بل من حيث إنها تومىء وترمز إلى المعنى الذي هو المقصود بالذات وهو التنبيه على وجه الإعجاز، والإشارة إلى أن الكلام المتحدى به منظوم مما ينظمون منه كلامهم فلو كان كلام البشر لما عجزوا عن إتيان ما يدانيه أو تصدير السورة بما هو معجزة له عليه الصلاة والسلام من حيث إنه أخبر عن أسامي الحروف وهو غيب بالنسبة إلى الأمي. ففيها تبكيت لهم وإلزام الحجة عليهم ولا يبعد أن يكون قول المصنف «وقيل هي أسماء السور» إشارة إلى ضعف هذا القول بناء على أن الظاهر أن يكون المراد بالفواتح المذكورة ما وضعت هي له في لغة العرب وهو مسميات الأسماء المذكورة كائنة في تأويل المؤلف منها فيكون كما ذكره أن هذا المتحدى به مؤلف من جنس هذه المسميات والمؤلف منها هو المتحدى به. ففي افتتاح السورة بهذه الأسامي إيقاظ للسامع مع التنبيه على الإعجاز والتحدي فلا حاجة إلى جعلها أسماء للسور كما قيل. وكذا قوله: «واستدل عليه» إشارة إلى ضعف دليله ومن وجوه ضعفه أنه أبطل فيه أن يكون المراد منها غير ما وضعت هي له في لغة العرب وهو في الحقيقة إبطال لمدعاه الذي هو كونها أسماء للسور لأن السور ليست مما وضعت هي له في لغة العرب أيضا. قوله: (لا يقال لما لا يجوز أن تكون الفواتح المذكورة مزيدة إلى آخره ) المقصود من هذا الكلام إيراد قول المفسرين في تأويل الأسامي المفتتح بها ثم بيان أنها غير مرضية عنده بقوله: «لأنا نقول». قوله: (أو إشارة) عطف على قوله: «مزيدة». قوله: (اقتصرت) الظاهر أن لفظة التاء زائدة وقعت سهوا من الناسخ لأن «اقتصر» مبني للمفعول «وعليها» قائم مقام الفاعل أي بمعنى وقع الاقتصار عليها

صفحة ١٣٥